مهارات اللغة العربيه 3

3مهارات القراءة
أقسام القراءة
القراءة هي المصدر الثاني بعد الاستماع للتزود بالمعارف الإنسانية المختلفة ، ولها أقسام وأنواع وأهداف وهي عملية عقلية تستدعي فك الرموز المكتوبة. وتنقسم إلى قراءة جهرية وقراءة صامتة.
القراءة الصامتة تنقسم إلى قسمين هما: القراءة الخاطفة والقراءة الفاحصة.
القراءة الخاطفة هي وسيلة اكتساب الثقافة الواسعة وتعتمد على السرعة والفهم الصحيح للسياق اللغوي. وخطواتها ما يأتي :
1-  النظرة العامة  وتكون بقراءة الكلمة الأولى من الجملة والكلمة الأخيرة والأسطر الأولى من الفقرة وذلك ليتمكن القارئ من اتخاذ القرار المناسب بمواصلة القراءة أو تركها. وعليه أن يبدأ بالخطوة التالية إذا قرر أن الموضوع يستحق القراءة.
2-  القراءة المختارة: تستخدم القراءة المختارة عندما يركِّز القارئ على جوانب مختارة من القطعة هي الجوانب التي تهمه ويتم تحديد مكان المعلومات التي يريدها بعد إلقاء النظرة العامة إذ يمكن تضييق البحث إذا كان لدى القارئ فكرة عن مكان وجود المعلومات التي يريدها في سياق القطعة.
3-  المراجعة الفورية: يمكن للقارئ أن يحتفظ بعدة حقائق عندما ينتهي من القراءة أو أن يعود إلى شيء صعب لم يفهمه من السياق العام للمعني والمراجعة هي محاولة تكوين أسئلة وحلها لنتأكد من فهمنا لما قرأناه.
القراءة الفاحصة :
القراءة الفاحصة هي القراءة التي تسعى إلى استيعاب وفهم كل ما في النص من أفكار عامة وجزئية وأهداف للكاتب ظاهرة خفية وغالباً ما تمارس هذه القراءة مع الكتب الدراسية التي يمتحن فيها الطالب كما يمكن أن يمارسها أي باحث يريد الحصول على معلومات لاستخدامها فيما يخدم هدفه الخاص.
ماذا يعني أن يكون المرء قارئاً فّعالاً؟ إنه يعني أن يتناول القراءة كعملية فعالة في البحث عن المعاني وأن يستخدم الوسائل الفعالة للتعلم أثناء القراءة وسنقدم هنا التقنيات التي تساعد القارئ ليصبح أكثر فعالية وسنجد أن هذه التقنيات تزيد كمية المعلومات التي يتم تعلمها وتذكرها من القراءة.
ولذلك سنبدأ بالحديث عن الخطوات المتعلقة بقراءة الكتاب ثم بالخطوات المتعلقة بقراءة النص.
1/ الخطوات الخاصة بالكتاب :
البحوث المعاصرة في القراءة تؤكد على ضرورة معرفة الطريقة التي نظم بها الكتاب وما العوامل المتناسقة فيه لأن ذلك يساعد على زيادة القدرة على فهم ما نقرأ.
وفي هذه الصفحات سنتعرف على طريقة استعراض ما في الكتاب قبل البدء بدراسته حتى نتمكن من فهم الفصول التي نقرؤها وكيفية ربط أفكارها بالبناء الفكري العام للكتاب ولذلك علينا الالتزام بالخطوات الآتية:
أ/ قائمة المحتويات:
أن أول ما نفعله هو دراسة قائمة المحتويات أو فهرس الكتاب لأن ذلك يمثل أداة قيمة في الحصول على نظرة عامة وشاملة إن قائمة الكتاب عادة تبين الموضوعات الرئيسية والموضوعات الفرعية التي يتم تناولها في الكتاب ، وقراءة الفهرست تعطينا فكرة عن تنظيم الكتاب والموضوعات التي يغطيها والوسائل التعليمية التي يوردها ومكان كل منها، ولذلك فإننا عندما نقر نستطيع أن نضع ما نقرأه في مكانه السليم في تسلسل أفكار المؤلف.
وعلينا أن نجيب عن الأسئلة الآتية عند قراءة الفهرس .
أ/ ما هو القسم الرئيس في الكتاب؟
ب/ ما أسس التنظيم التي استخدمها المؤلف؟
ج/ ما الوسائل التعليمية التي أشار إليها؟
د/ ما هو الطول النموذجي لفصول الكتاب؟
هـ/ هل هناك نمط معين للتنظيم الداخلي للفصول؟
و/ هل من الضروري قراءة الفصول بالتسلسل؟
ب/ قراءة المقدمة:
مقدمة الكتاب تكتب عادة من المؤلف وفيها يقدم تفصيلاً عن طريقة بناء المعلومات في الكتاب وغالباً ما تحتوي المقدمة على:
1:      الهدف من تأليف الكتاب .
-       2:  لمن كتب الكتاب؟
-       3:  ما الموضوعات التي يغطيها وما الموضوعات التي لا يتناولها؟
           -4 : طريقة تنظيم المعلومات ولماذا نظمت بهذه الطريقة؟
-       5:  العوامل المؤثرة في الكتاب وتنظيمه .
-       6:  التغييرات التي أدخلت على الكتاب إذا كان مطبوعاً من قبل .
-       7:  التوجه النظري أو الفلسفي للمؤلف .
-       8:  إرشادات للقارئ ليستطيع تحقيق أكبر قدر من الفائدة عند قراءة الكتاب
-       9:  شكر وتقدير لمن أسهم في الكتاب .
وكثيراً ما يهمل القارئ المقدمة ظناً منه أن المعلومات التي تحويها لا قيمة لها أو لا صلة قوية لها بموضوع الكتاب وفي الحقيقة فإنه كلما زاد فهمنا لتوجهات الكاتب زاد فهمنا لما نقرأ من كتاباته.
ج/ تفحص فصل :
علينا أن نختار فصلاً من فصول الكتاب ونلقي نظرة سريعة عليه لنأخذ فكرة عن محتوياته وعن النقاط التي يبرزها الكاتب على شكل أرقام أو عناوين نوعية أو طباعة غامقة أو تلخيص في آخر الفصل وهذه النظرة السريعة لا تعني قراءة كل صفحة وإنما تعني قراءة بعض النقاط البارزة في الفصل.
د/ قراءة الملاحق:
تحوي قائمة الملاحق عادة المراجع والمصطلحات شرحها وقائمة بالكتب التي تناولت الموضوع لمن يرغب في مزيد من القراءة وقوائم مبوبة أبجدياً للموضوعات التي درست في الكتاب أو الأماكن التي ورد ذكرها أو الأشخاص الذين ذكروا في الكتاب وهكذا.
إن الاطلاع على القوائم الواردة في آخر الكتاب تساعد القارئ على الاستفادة منها أثناء قراءة الكتاب وخاصة قائمة المصطلحات وشرحها وبعض الكتب تضع قوائم المصطلحات في آخر كل فصل وبعضها يضعها قبل القائمة الأبجدية للموضوعات.
وأما قائمة الكتب المؤلفة في الموضوع نفسه فهي مرشد القارئ لاختيار الكتاب التالي للقراءة كما تعطيه فكرة عامة عن الكتب التي تناول موضوعًا قد يهمه.
إن وجود أُلفة بين القارئ والكتاب الذي يقرأه يعد أمراً مهماً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة.
إن القراءة للدراسة تختلف عن الأنواع الأخرى من القراءة لأن الهدف يختلف فعندما نقرأ قصة غامضة يكون هدفنا إمتاع وتسلية أنفسنا وعندما نقرأ صحيفة فإننا نهدف إلى المحافظة على اطلاعنا على آخر الأخبار في الميادين التي تهمنا أما قراءة كتاب دراسي فيهدف إلى تعلم المادة العلمية فيه ولذلك فإن القراءة للدراسة تتطلب طريقة مختلفة عن الطرق الأخرى للقراءة.
2/ الخطوات الخاصة بالنص
إن القيام ببعض الخطوات التمهيدية للقراءة يساعد القارئ على اختصار الزمن اللازم للقراءة وتحقيق أكبر فائدة مما يقرأ وكثيراً ما يشكو القراء وخاصة الطلاب من أنهم عندما يقرأون يفهمون ما يقرؤونه ولكنهم يفقدون الكثير مما فهموه في اليوم التالي وعلاج ذلك يتم باتباع الخطوات التالية: إلقاء نظرة شاملة ثم إجابة مجموعة أسئلة ثم القراءة أو التسميع ثم المراجعة وتفصيل ذلك:
‌أ/ إلقاء نظرة شاملة: إن الخطوات الأولى في إلقاء النظرة هو تفحص قائمة المحتويات لأن ذلك يساعد القارئ على معرفة موقع ما سيقرأ في الكتاب وصلته بما قبله وبعده من الأفكار ويلي ذلك إلقاء نظرة سريعة على الفصل الذي سنقرأه مع الانتباه إلى العناوين الرئيسية والفرعية والجداول والملخصات والأسئلة إن وجد شيء منها.
‌ب/ الأسئلة: يجب أن نضع لأنفسنا أهدافاً عامة لقراءة الفصل والأسئلة التي نريد أن نصل إلى إجابتها بقراءة هذا الفصل أن إلقاء نظرة على الفهرس ثم إلقاء نظرة على الفصل الذي سندرسه يمكننا من تحديد بعض الأهداف لقراءة الفصل وذلك بالاستعانة بما يقدمه المؤلف من مقدمة للفصل وأهدافه تقع في أول الفصل أو عناوين أو ملخصات أو أسئلة تقييمية في آخر الفصل في الكتب التعليمية وكلما قرأنا جزءاً من الفصل علينا أن نحاول إيجاد أهداف إضافية.
‌ج/  القراءة نبدأ قراءة الفصل جزءاً جزءًا ونحاول أثناء ذلك الحصول على إجابات للأسئلة التي وضعناها من قبل وعندما نجد الإجابة نعلِّمها بوضع خط تحتها أو بكتابة ملاحظة في الهامش.
‌د/  التسميع وإعادة الرواية: عند قراءة جزء من الفصل والعثور على إجابة لسؤال علينا أن نثبت المعلومة في أذهاننا بتسميعها أو إعادة روايتها وذلك بالنظر بعيداً عن الكتاب ومحاولة الإجابة عن السؤال بلغتنا الخاصة وإذا لم نستطع علينا العودة إلى الجزء لتذكر ما فاتنا.
هـ/ المراجعة: بعد الانتهاء من قراءة الفصل علينا أن نراجع الأجزاء لنتثبت من ترابطها وصلة كل منها بالأجزاء الأخرى.
3/ تقنيات القراءة الفاحصة
سواء أكان المرء يأخذ الملاحظات في محاضرة تلقى في قاعة درس في الفصل أو يقرأ كتاباً في غرفته فإن وجود القلم (الرصاص) في يده يبين أنه مهتم بالتعليم فأخذ الملاحظات والتخطيط في الكتاب يساعد على التعلم لأنه يعمل على زيادة التركيز وتثبيت المادة المقروءة وتوفير مرجع مفيد عند المراجعة ويمكن وضع الإشارة في الكتاب بطريقتين هما وضع خط تحت المقروء أو الكتابة في الهوامش وبالإضافة إلى ذلك فهناك مجموعة من السياسات للتعامل مع مادة القراءة الصعبة والمواقف التي تطبق فيها كل من تلك السياسات وأخيراً فإن هناك بعض التقنيات المتبعة لمراجعة ما قرأناه.
أ/ وضع خطوط تحت الكلمات:
لاستخدام وسيلة التخطيط تحت الكلمات يجب قراءة القطعة قسماً بعد قسم ففي الكتب التي تستخدم العناوين الفرعية يجب علينا القيام بالقراءة وتحديد الأفكار الواردة تحت ذلك العنوان الفرعي قبل الذهاب إلى قسم آخر أما إذا لم تكن هناك عناوين فرعية فيجب علينا إلقاء نظرة عامة على الفصل ثم القيام بتقسيم الفصل إلى أقسام عديدة.
وعند قراءة كل فقرة يجب أن نحدد هدف قراءة تلك الفقرة ويجب أن تكون القراءة مرة واحدة وبسرعة معتدلة لتحقيق الفهم الكلي للفقرة مع ملاحظة أية مصطلحات جديدة أثناء القراءة فإذا لم نعرف معناها وجب علينا القيام بالبحث عنها قبل العودة للقراءة الثانية المدققة.
الآن لنعد قراءة القطعة ببطء ولنبحث هذه المرة عن المعلومات التي تحقق أهدافنا من القراءة عندما نجد هذه المعلومات لنضع خطاً تحتها وليس مهماً أن نضع خطاً تحت الجمل الكاملة فالكلمات وأجزاء الجمل تكفي.
وإذا لم تكن التعابير الفنية في الفقرة معروفة لنا من قبل ولكنها مبينة في الفقرة فلنرسم دائرة حول التعابير الجديدة ولنضع خطاً تحت تعريفها ثم لنصل بين الكلمة والتعبير الذي يفسر ويوضح معناها فهذه التقنية ستجعل مراجعة هذه الكلمات أسهل عند المذاكرة.
وقبل الانتقال إلى قسم آخر يجب أن نتأكد من فهمنا لما قرأناه بقراءة ما قمنا بوضع خط تحته مرة ثانية ويجب أن تساعدنا هذه الخطوط على إيجاد أجوبة للأسئلة التي أثارت هدفنا للقراءة.
إن الخطأ الرئيسي الذي يقوم به الطلاب هو رسم خطوط تحت أشياء كثيرة أو وضع خطوط تحت الأفكار الثانوية بدلاً من الأفكار الرئيسية.. إن القارئ الذي يقوم بوضع خطوط تحت معظم النص يدل على أنه لا يوجد لديه هدف للقراءة ولذا فإنه يواجه صعوبة في الفصل بين الأفكار الرئيسية والداعمة أو الفرعية فكثرة التخطيط غير مفيد عند المراجعة والمستوى الجيد للتخطيط يكون بحدود 10-20% من القطعة.
والقارئ الذي يضع خطوطاً قليلة ولكنها ليست تحت الكلمات التي تعبر عن الفكرة الأساسية للقطعة سيكون لديه صعوبة في التمييز بين الأفكار الرئيسية والفرعية (الداعمة).
ب/ فهم الأمور الصعبة:
ماذا نفعل إذا قرأنا جزءاً من أحد الكتب ولم نفهمه؟.. هناك طرق عديدة يمكن اتباعها في هذه الحالة وهي تعتمد على مكان ظهور العقدة التي تحول دون تمكننا من فهم ما يقوله الكاتب.
الخطوة الأولى هي قراءة القطعة كلها مرة واحدة لمعرفة المكان الذي نتوقف فيه عن الفهم ثم نحاول اتباع إحدى الطرق التالية:
1-  إذا كانت المادة المقروءة دسمة جداً مع وجود كثير من الأفكار المكدسة في القطعة فلنقرأها جملة جملة، ولنتأكد من فهمنا للجمل عن طريق إعادة صياغة كل جملة بلغتنا الخاصة.
2-  إذا كانت هناك فكرة لم نفهمها حتى بعد القراءة البطيئة المتأنية فلنقم بتحويل ما لم نفهمه إلى سؤال ولنكتب السؤال على هامش الكتاب فالقيام بتحويل ما لم نفهمه إلى أفعال قد يرشدنا إلى الحل أما إذا لم نتمكن من ذلك فستكون لدينا أسئلة معينة نسألها للأستاذ.
3-  إذا كانت هناك كلمة مهمة لم نفهمها في القطعة فلنستخدم القاموس لإيجاد معناها ثم نستبدل الكلمة بكلمة لها المعنى نفسه ثم نقوم بقراءة القطعة مع تعويض الكلمة التي لم نفهمها بالكلمة التي تفسرها في ذهننا.
4-   إذا فهمنا الأفكار المتفرقة في الفقرة ووجدنا صعوبة في ربطها ومعرفة صلاتها فلنبحث عن أي وسيلة مساعد بصرية موجودة في الكتاب مثل: رسم بياني أو جداول أو خريطة ثم لنعد القراءة مع النظر إلى الوسيلة مرة بعد أخرى حتى يزيد إدراكنا لكيفية عرض الأفكار وترابطها.
وإذا كانت الأفكار غير موضحة لنا بوسيلة فإننا نستطيع إنشاء وسيلة إيضاح بأنفسنا فمثلاً إذا كانت تلك الفقرة من الموضوع توضح سلسلة من المراحل والخطوات فإننا نستطيع عمل مخطط لتوضيح تلك المراحل وإذا كنا نحاول معرفة كيفية ارتباط الأفكار منطقياً فإننا نستطيع توضيح تلك الأفكار بالقيام بصنع وسيلة إيضاح بصرية بسيطة لتوضيح العلاقة بين الأفكار.
ج/ الكتابة في الهامش:
في أي محاضرة تلقى في قاعة أو درس يلقى في فصل وحتى عندما تكون المحاضرة يلقيها شخص واحد فإن لدينا الفرصة لنتفاعل مع المحاضر فنسأل الأسئلة أو نجيب عنها، أو نضع اقتراحات أو نطلب توضيح نقطة معينة وهكذا وكل هذه النشاطات تشركنا بفعالية في عملية التعلم.
وكذلك الشأن في القراءة إذ نستطيع إشراك أنفسنا بفاعلية عن طريق كتابة الهوامش. والهوامش تعليقات تسجل ردة فعلنا للأفكار التي تصادفنا وعندما نفعل ذلك سنجد سهولة في التركيز وسنرى أننا سنتعلم ونتذكر ما قمنا بقراءته أكثر.
ولكتابة الهوامش علينا أن نتخيل أن الكاتب هو المحاضر يتحدث إلينا عبر صفحات الكتاب وعند قراءة ما كتبه يمكننا الاستجابة كما نفعل في المحاضرة ولما كان الكاتب يتصل بنا عن طريق الكتابة فإن ردنا سيكون أيضاً بالكتابة وإذا أثار ما نقرؤه سؤالاً في عقلنا فإننا نستطيع كتابة ذلك السؤال في هامش الكتاب أما إذا كنا لا نتفق مع الأشياء التي كتبت في الموضوع فإننا نستطيع تسجيل آرائنا وإذا قرأنا شيئاً يذكرنا بخبرة شخصية فإننا نستطيع كتابة تعليق في الهامش ليذكرنا بهذه الصلة وهكذا.
أنواع التعليقات التي تكتب في الهوامش:
1-  تعليقات التلخيص: وهي العبارات التي تظهر الفكرة الأساسية للنص والتعليقات يمكن أن تكون بديلاً عن وضع الخطوط تحت الأفكار.
2-    الأسئلة: وهي تشمل أسئلة عن النقاط التي لم نفهمها والأسئلة التي لم نجد أجوبة لها في النص.
3-    الآراء: وهي التعليقات التي تعارض أو تتفق مع الأفكار المعروضة في النص.
4-    الاستفادة الشخصية: وهو يعني كتابة ما يتفق مع أمورنا الشخصية أو حياتنا اليومية.
5-  المراجع المشابهة: للتذكير بالأماكن الأخرى من الكتاب أو من كتاب آخر حيث توجد فكرة مرتبطة بالفكرة التي تناقش في هذا الكتاب.
6-    المقارنة وهو مثل المراجع لكنه يعتبر مرجعاً لفكرة مغايرة.
7-    التعليقات العامة: الأفكار التي تخطر ببالنا أثناء القراءة.
د/ المراجعة
لابد أننا نذكر عندما كنا صغاراً وكنا نرسل إلى محل لشراء لوازم المنزل فإننا كنا نقوم في الطريق بترديد قائمة المشتريات مرة تلو أخرى، (زيت، سكر، بصل، زيت، سكر، بصل) هذا يعود إلى أننا كلما راجعنا الأفكار أكثر استطعنا أن نتذكرها أكثر.
وأحسن وقت لمراجعة ما قرأناه هو بعد الانتهاء من القراءة فوراً لأن المادة ستكون وقتها جديدة ولو تمت المراجعة لمدة 10 دقائق فإن المادة ستثبت في الذهن، وسنتعلم المادة أفضل وبفعالية أكثر إذا قمنا بمراجعتها دائماً، وعندما نراجع المادة مرة أخرى قبل الامتحان فإننا سنجد أننا نتذكر معظم النص.
وهناك طرق عدة لمراجعة النص الذي قرأناه وهي:
1/ المراجعة عن طريق الاختبار الذاتي: إذا قمنا باستخدام الطريقة التي اقترحت في هذه الصفحات فإننا سنكون قد وجهنا قراءتنا بطرح أسئلة عديدة على أنفسنا وللمراجعة علينا أن نسأل أنفسنا الأسئلة نفسها ولنحاول حلها ذهنياً فإذا استطعنا ذلك نكون قد فهمنا وان لم نستطع فلنبحث عن الفقرة التي فيها تلك المعلومة لنبدأ بقراءتها قراءة فاحصة أو باحثة (القراءة الباحثة هي القراءة  التي نبحث فيها عن معلومة معينة) ثم نحاول الإجابة عن السؤال مرة أخرى دون النظر إلى الكتاب.
2/ المراجعة عن طريق قراءة أهداف النص والتلخيص: بعض الكتب تقدم في بداية كل فصل مجموعة  النقاط التي سيتم تناولها فيه وقد تقدم في نهاية الفصل أيضا تلخيصًا لما جاء فيه وبعضها يكتفي منها فقراءتنا لأهداف وتلخيص النص أو أحدهما ومحاولة تذكر المعلومات التي تشرحها تساعدنا على ترسيخ المعلومات وهذا التدريب الذهني طريقة جيدة لتنسيق المادة العلمية في الفصل. وتثبيت كيفية ترابط أجزائها.
3/ المراجعة بإعادة قراءة الأفكار الرئيسية والملاحظات: إذا قمنا بوضع خطوط تحت الأشياء المهمة في الفصل أو قمنا بكتابة الهوامش فنستطيع المراجعة بقراءة ما قمنا بوضع خط تحته أو ما كتبناه وبما إننا كنا نضع خطوطاً تحت ما نعده أفكاراً رئيسية فإن قراءة هذه الأفكار يعد كقراءة تلخيص للنص كله ولا ضرورة لقراءة كل ما قمنا بتخطيطه بل يمكن الوقوف بعد كل فقرة وإغلاق الأعين وترديد الأفكار التي وضعنا تحتها خط ويمكننا أن نقرأ الأجزاء التي اخترناها من الفصل وخصوصاً تلك التي لم نفهمها تماماً من أول قراءة.
4/ المراجعة عن طريق الكتابة: أن أفضل طريقة لمراجعة القراءة هي الإمساك بالقلم ومحاولة كتابة تلخيص للقطعة وهذا التلخيص خبرة جيدة لنا وقد يقودنا لإظهار ما قرأنا ومعرفة دلالته وأهميته ونستطيع ضم تلك التلخيصات ووضعها في آخر الكتاب وبعد ذلك نستطيع استخدام تلك التلخيصات للمراجعة متى شئنا ويمكن استبدال ذلك باستخدام طريقة الكتابة الشخصية بعد القراءة والاحتفاظ بها في كراسة خاصة تكون سجلا لاستجابتنا وردود أفعالنا لما قمنا بقراءته عندما نقوم بالكتابة يجب أن نجيب عن الأسئلة التالية (ماذا تعلمنا اليوم؟.. وما هو رأينا في ذلك؟) وبمرور الأيام تصبح كراستنا سجلا لتطورات أفكارنا وعندما نقرأ ما كتبنا مرة أخرى سنرى كيف تغير تفكيرنا وكيف أصبحنا أكثر نضجاً.
وباختصار علينا اتباع الخطوات التالية لتحقيق فاعلية القراءة:
1-    إلقاء نظرة خاطفة على القطعة لأخذ فكرة عامة عن القطعة ولتحديد أهداف القراءة.
2-    قراءة القطعة مرة واحدة قراءة سريعة.
3-    قراءة الموضوع مرة ثانية للبحث عن المعلومات التي تجيب عن الأسئلة التي تثير الحيرة لوضع خط تحتها.
4-    وضع دائرة حول الكلمات أو التعابير الفنية الجديدة لتحديد معانيها.
5-    التأكد من الفهم بإعادة قراءة ما تم وضع خط تحته ثم إضافة أو حذف ما نريد.
6-    وضع الخطوط لتوضيح الأفكار الرئيسية في الكتاب.
7-    استخدام سياسات معينة عند قراءة جزء صعب في الكتاب.
8-    استخدام الهوامش حتى تكون القراءة فعالة أكثر.
9-    استخدام تقنيات معينة في مراجعة ما قمنا بقراءته.
وليس هناك سرعة معينة لقراءة الدراسة لأن ذلك يعتمد على عدة أمور منها معلوماتنا المسبقة عن الموضوع وقوة دوافعنا للقراءة ودرجة سهولة أو صعوبة الطريقة التي تعرض بها المادة ولتحديد سرعة القراءة علينا أن نجيب عن الأسئلة الآتية ونضع درجات لإجاباتنا طبقا لما هو مذكور بجانب كل سؤال:
1/ المعلومات السابقة: كمية المعلومات التي لدينا عن الموضوع
أ- جيدة                                    1.
ب- مقبولة                                 2.
ج- قليلة                                   3.
د- معدومة                                        4.
2/ الهدف: لماذا نقرأ هذه المادة؟ وهذا يحدد قوة دوافعنا
أ- ليس هناك سبب محدد                  1.
ب- للحصول على فكرة عامة            2.
ج- تحقيق فهم أعمق                      3.
د- للفهم والتعلم                            4.
3/ الصعوبة: وتبين درجة صعوبة عرض الموضوع في النص:
أ- سهلة                                    1.
ب- مقبولة                                 2.
ج- فيها تحدٍ                               3.
د- تتطلب كثيراً من الجهد                4.
ثم نجمع الدرجات فإن أتت
3-4             نقرأ قراءة سريعة (خاطفة).
5-6             نقرأ قراءة متوسطة
7-9             نقرأ قراءة بطيئة
10-12         نقرأ قراءة بطيئة جداً وأحياناً تلزم إعادة قراءة للفهم
ثم علينا أن ننظم وقتنا بما يتناسب مع نوع القراءة
العوامل المؤثرة في القراءة
1/ الطبع
الطبع له تأثير قوي جداً على الطريقة التي نقرأ ونفهم بها وهذا ليس معروفاً لجميع الناس فنحن ندرك ونفهم الأمور بطريقة الاختيار والتنظيم وهذا ليس بعمل آلة ميكانيكية مفكرة ولكنه عمل إنسان له آمال ومخاوف وطباع والطريقة التي نختار بها حقائقنا وننظم بها عقولنا التي نفكر بها تعتمد على أحكامنا الذاتية على الأشياء وعلى طباعنا في الحياة وجميع ملاحظاتنا لا بد أن تكون مع أو ضد ما نقرأ لأن القراءة ليست معرفة وإدراكًا للمعلومات فقط بل هي الموافقة أو الاعتراض على المعلومات والأفكار التي نقرأها.
والأحكام التي يصدرها القارئ هي رؤيته للحياة ويجب أن لا نتبنى رأيًا إلا بعد دراسة جميع الأفكار والاعتبارات التي تثار حوله ولكننا إذا أصدرنا الأحكام من غير دراسة الحقائق فإن تفكيرنا فيه تحامل وتحيز.
التحيز والتحامل سمة من سمات الناس وهذا لا يعد عملًا عدائياً لأن معظم طباعنا ناتجة عن شعور غريزي. وهناك حد للتحامل سواء كان عدائياً أو ودياً ولما كانت الطباع تؤثر في القراءة فإننا نحتاج إلى التدرب على الاحتراس والحذر في قبول أو رفض أمر ما وكذلك التدرب على أن نكون صبورين وقادرين على الاحتمال حتى نقلب الأمر من جميع جوانبه ثم نتبنى وجهة نظر معينة.
2/ أسلوب الكاتب:
الأسلوب هو الطريقة التي يستخدمها الكاتب لإقناع القارئ بالنص المكتوب وبطبع الكاتب العام وبشخصيته الفائضة في النص وعلى القارئ أن يعرف مشاعر وعواطف الكاتب من خلال أسلوبه وعند وعيه لذلك سيكون باستطاعته توقع طريقة الكاتب العامة في الكتابة وموقفه وفكرته في قضية معينة وحكم الكاتب- سواء أكان فيه تحامل أو لم يكن- يعد جزاءً لا يتجزأ من طبعه وشخصيته العامة ومعرفة أسلوب الكاتب في الكتابة يعد فهما لشخصيته وموقفه وطريقة تفكيره.
إن التعاطف مع أسلوب الكاتب يزيد من مقدرة القارئ على التوقع ويساعده على القراءة بنشاط ويحسن من مقدرته على الإدراك والفهم. والوعي لأسلوب الكاتب يزداد عند قراءة المواد التثقيفية حيث لا يركز على التفاصيل والقارئ لن يستجيب كلياً للنص إذا لم يوزع جهوده في القراءة باتزان وأما عند قراءة أنواع أخرى من المواد الأدبية مثل: الروايات والقصص الطويلة فإن القارئ لن يلاحظ الأسلوب إلا بالقراءة التدقيقية والتي تركز على التفاصيل.
3/ طريقة تنظيم المكتوب:
يختلف الكُتَّاب في طريقة تنظيم أفكارهم وعرضها فقد يستخدمون إحدى طرق الاستقصاء الآتية (مشكلة ثم مناقشة ثم خاتمة) أو (حقائق ثم تحليل ثم خاتمة) أو (حقائق ثم تحليل ثم استنتاج المشكلة) أو (حقائق ثم تحليل ثم مشكلة ثم خاتمة) وقد يستخدمون طريقة الشرح والتوضيح حيث يكون التركيز منصبًا على القطعة ككل واتصال هذا الكل بالأجزاء ومهما يكن التنظيم الذي يسلكه المؤلف فإنه دائماً يلجأ إلى استخدام طريقة العرض بخطوات أو أجزاء.
والمشكلة الرئيسية التي تواجه القارئ والمؤلف معاً هي ربط الأجزاء لتكوين الكل فالأجزاء متفاوتة الأهمية وقد يوجد مزيد من الشرح والوصف وإعطاء الأمثلة لبيان النقاط الأساسية ولتأكيد فهم هذا كله فإن المؤلف قد يلجأ لعرض مقدمة وقد يلجأ إلى إعطاء فكرة عامة عما تدور الكتابة عنه كما أنه قد يلجأ إلى التركيز كلما تعمق في الموضوع وأخيراً قد يلجأ إلى عرض خاتمة أو ملخص نهائي.
وقد يستخدم الاستقصاء والشرح معاً ولذلك يختلف الهيكل الكتابي من قطعة لأخرى وإذا ما تخطى  القارئ النقاط الأساسية أو كان غير قادر على فهم التنظيم فإن قراءته ستواجه المشكلات.
ولذلك يلزم القارئ:
‌أ/        أن يتعلم كيفية التعرف على المعالم اللغوية والمطبعية للتنظيم.
‌ب/   أن يتعلم كيفية التعرف على ميزة استقصاء وشرح التنظيم.
‌ج/     أن يبحث عن مقدمة أو تلخيص حيثما جدت علامة تدل على تجميع الأفكار.
‌د/  بأن يحرص على الاهتمام بالتنظيم وأن يدرك أن الأنواع المختلفة من الكتابات يمكن أن تشكل نماذج متطابقة من التنظيم.
4/ القدرة على التركيز:
تعتمد قدرة القارئ على التركيز على مجموعة من العوامل هي:
أ/ الدافع
ونعني به مدى وضوح الهدف من القراءة لدى القارئ فإذا كان الهدف واضحاً كان الدافع قوياً وسهل على القارئ أن يركز وأما القارئ الذي يقرأ نصاً وهو لا يعرف الهدف من القراءة بل لم يسأل نفسه لماذا يقرأ؟.. فإنه يجد التركيز صعبًا لانعدام الدافع.
ب/ الاهتمام
كلما نما اهتمام القارئ وتطور زادت قدرته على التركيز في موضوعات معينة هي التي يهتم بها أن الرغبة في التعلم لا يمكن أن تعوض نقص الاهتمام فقد يكون الدافع قوياً لوجود سبب معين يجبر الإنسان على قراءة ما ولكن القارئ غير مهتم بهذا المجال لسبب ما فإن التركيز يصبح صعباً وخير مثال على ذلك قراءة موضوع ما في ميدان معين لأنه مطلوب في الامتحان بينما القارئ لا يحب ولا يهتم بهذا الميدان ولكنه أجبر على دراسة هذا التخصص بسبب رغبة أهله أو بسبب مجموع درجاته في الشهادة الثانوية أو غير ذلك من الأسباب.
ج/ الرغبة في التركيز:
وهذه تقدم حالة عقلية تبعد التشتت عن ذهن القارئ فالاستعداد النفسي والعقلي مهمان في عملية القراءة وبدونهما فإن العقل يسرح في أمور متعددة مما يحرمه من التفكير المركز المتصل بالموضوع ولكن هذه النوعية منفردة لا تكفي وإنما عليه القيام بأعمال أخرى تتيح له التركيز.
د/ القراءة الفعالة:
على القارئ أن يفكر لنفسه ولا يعقل أن يعتمد على الكاتب ليفكر بدلاً منه ولذلك عليه أن يفكر ويتفاعل مع ما يقرأ وكأنه في حوار أو مناقشة مع المؤلف فيوافق أو يعارض أو يسأل عن أدلة وشواهد ويبحث عن الوضوح أي عليه أن يستخدم قدرته الناقدة قدر الإمكان.
هـ/ القراءة لفهم المعنى:
إن النظام الصحيح للتعلم هو التعلم عن طريق الفهم فمعنى الكلمات يفهم من خلال سياقها في النص فالقارئ الذي يركز على المعنى أكثر من الكلمات لا يجد صعوبة في التركيز لأنه يحول المعنى إلى كلماته الخاصة أما القارئ الذي يحاول الحفاظ على المعنى باستخدام كلمات المؤلف فإنه يجد صعوبة كبيرة في التركيز لأنه إذا نسي الكلمات تحول المعنى إلى أمر غامض.
و/ استخدام المعرفة السابقة
إذا استخدم القارئ معارفه القديمة فإنه يشكل تركيبًا متناسقًا من المعارف تقع المعلومات الجيدة التي يقرؤها في موقعها المناسب لها في ذلك التركيب ويمكن أن يساعد تخمين وتوقع رأي الكاتب قبل بدء القراءة على تكوين ذلك التركيب.
5/ الإرهاق:
هناك حدود معينة لقدرة استيعاب الفرد من القراءة كل يوم فالساعات الطويلة لا تعطي بالضرورة قدراً أكبر من المعلومات المكتسبة لأن هناك رفضًا لا شعورياً للجهد الإضافي بينما قد تعمل الساعات القليلة على زيادة الكفاءة في القراءة ويبدو أن هناك أوقاتاً مناسبة للقراءة في الصباح قبل أن ينشط الجسم وفي المساء بعد أن يرتاح الجسم من عناء العمل طيلة النهار.
وقد يعمل الإرهاق والجهد المستمر على التأثير على مركز الدماغ الذي يوزع الطاقة مما ينتج عنه هبوط مفاجئ في الطاقة يوقف عملية القراءة لذلك ينصح بأخذ قسط من الراحة بشكل دوري على أن يكون لفترات قصيرة.
كما يعمل تغيير موضوع القراءة على تنشيط عملية القراءة ويساعد على التركيز والفهم ولذا ينصح الطلاب خاصة بدراسة موضوعات جديدة كلما شعروا بالملل من الموضوع الذي يقرؤونه.
6/ تحريك أعضاء النطق
بعض القرَّاء يحرك أعضاء نطقه في القراءة الصامتة كما يفعل في القراءة الجهرية ولكنه لا يصدر أصواتًا هذه عادة غير محببة لأنها تبطئ عملية القراءة ويجب التخلص منها في القراءة التي تركز على الفهم ولكن في القراءة التي تهدف إلى الحفظ ينصح بتحريك أعضاء النطق.
7/ المعوقات الخارجية:
يختلف الأفراد في قدرتهم على التركيز مع وجود أصوات خارجية فبعض القراءة يفضل سماع نوع معين من الموسيقى ويبدو أن الموسيقى منفردة تشجع على التركيز أما الأغاني فإنها تعيق عملية التركيز لأن الكلمات التي تشتمل عليها تشد انتباه القارئ إلى معانيها وقد تستدعي بعض الذكريات التي تشتت الذهن.
ويختلف القراء أيضاً في الجلسة المريحة لهم وهي أمر ذاتي لا تخضع لمعايير واضحة ولذلك يجب توفير الجلسة التي تحقق التركيز للقارئ.
سرعة القراءة والفهم
من الأمور المقررة أنه لا توجد قيمة مطلقة للقراءة حسنة أو سيئة السرعة بل توجد سرعات دقيقة للقراءة وفقاً للأهداف وأنواع المواد المقروءة والمطلوب هو قراءة مرنة.
ولقد تركز محور الاهتمام بقراءة أفضل وأسرع حول تجارب عن طبيعة حركة العين وكثيراً من المحاولات ذهبت لابتكار طرق لتدريب العيون على اتباع الحركة الصحيحة لتصبح القراءة الأفضل هي النتيجة الطبيعية ولكن هناك أدلة تجريبية واضحة تبين أن حركات العين الجيدة أو السيئة ما هي إلا نتيجة للقراءة الجيدة أو السيئة وليس العكس لأن حركة العين ليست هي المسببة للعادات المتبعة في القراءة.
حركات العين :
إن العين لا تتحرك باستمرار على طول حروف السطر لأن كثرة التحرك قد ينتج عنها حروف مشوشة فالعين ترى بوضوح فقط عندما تكون هادئة لأنها عندما تتحرك تكون سرعتها هائلة وهو شيء لا يتغير ولا يمكن السيطرة عليه وهذا ما أثبتته التجارب ولكن يظن المرء أن بمقدوره تحريك عينه بالسرعة أو البطء الذي يروق له والحقيقة غير ذلك فإذا طوف المرء بنظرة في الغرفة فإنه سيكتشف أن بإمكانه أن يرى بوضوح فقط إذا كانت عينه هادئة وساكنة سواء أكانت عينه تتحرك ببطء أم بسرعة والمرء يستطيع أن يرى فقط عند الوقفات التي بين الفقرات حيث تركز العين على التقاط صورة لما ترى والطريقة التي تجعلنا نتحكم في سرعة العين تكون بتنويع عدد الوقفات.
وهذا نفسه ينطبق على القراءة فالعين تغطي الحروف في تتابع القفزات ونحن نقرأ عند توقف العين حيث تقوم بالتركيز وعدد الوقفات والتركيزات تكون أقل عندما نقرأ بسرعة وأكثر عندما نقرأ ببطء.
وهذا توضيح للطريقة التي يمكن أن يقرأ بها قارئ بطئ سطراً من الكلمات فحركات العين موضحة بأسهم والوقفات موضحة بنقاط:
.----<. -----<. ----<. -----< .----<. -----<.
وهذا رسم يوضح الوقفات في القراءة السريعة
.-----------<. -----------<. ------------<. -----------<.
إن الكلمات تقرأ من كلتا الجهتين في كل وقفة خلال نظرة خاطفة أو لقطة سريعة تستوعب مدى رؤية واحدة إذ تقوم العين بتجزئة السطر إلى مجموعات من الكلمات ثم تلتقط لكل مجموعة صورة كما تفعل آلة التصوير ويطلق على المساحة التي تغطيها اللقطة (مدى الرؤية) والعين لا تقوم بقراءة الكلمات أو التعابير أو الأساليب وإنما العقل هو الذي يقوم بذلك والعين كذلك لا تقوم بالتركيز على الكلمات المهمة والتي تكون في مدى الإدراك الحسي لأنها في بعض الأحيان تقف عند الفراغ بين الكلمات ولكنها تأخذ لقطات من الطبيعة ويقوم العقل بتفسير محتويات تلك اللقطات وذلك ضمن حركة مستمرة من المعاني المتدفقة.
وقد أجريت تجارب أظهرت أنه عندما تبرز الشاشة بشكل مفاجئ وسريع ولفترة 1/100 من الثانية فإن القارئ العادي ودون خضوعه لأية تدريبات خاصة يستطيع رؤية أربع كلمات مترابطة ببعضها ومجموع حروفها حوالي أربعة وعشرين حرفاً فإذا لم يستطع القارئ رؤية أكثر من ذلك فإنه قد يستطيع رؤية 24.000 كلمة خلال دقيقة ولكن عندما نقرأ عددًا من الكلمات فإنها يجب أن تكون واضحة في الذهن وهذا يستغرق 1/5 من الثانية تقريباً كما يجب أن تكون الكلمات مترابطة في ضمن الفقرة وهذا هو الذي يستغرق وقت القراءة. ومما هو جدير بالملاحظة عن القراءة هو إن متوسط فترة التركيز يمكن أن يتغير قليلاً إذ يمكن جعله 1/3 من الثانية تقريباً لكل الأغراض العملية ولكل القرَّاء البالغين سواء أكانوا سريعين أو بطيئين وهذا يزداد قليلاً مع المواد الصعبة والسبب في ذلك هو أن العقل بحاجة إلى توضيح المعلومات ولذلك فإن القراءة السريعة لا يرافقها أي نقص يمكن إدراكه في متوسط مدة التركيز وبناء على ذلك فإن القراءة البطيئة تتميز بوجود وقفات كثيرة والقراءة السريعة بوجود وقفات أقل لأننا إذا أهملنا الفترة التي تستغرقها حركة العين فإن الذي يحدد زمن القراءة هو عدد الوقفات في الثانية.
دعنا ننظر ثانية إلى التخطيطين السابقين ولكن بإضافة مدى الرؤية
قارئ بطيء
.----<. -----<. ----<. -----< .----<. -----<.
قارئ سريع
.----------<. ----------<. -----------<. ------------<.
فمدى الرؤية موضح بأشكال بيضاوية مسطحة، وهو يتداخل بشكل كبير عند القارئ البطيء لأنه لا يستطيع التوقف عن المشاهدة وفي الحقيقة أنه يرى الكلمات عدة مرات متكررة، بسبب الارتدادات المتعددة وما ينتج عنها من تداخل في مدى الرؤية كما هو موضح في الشكل السابق لا يظهر إلا عند الحاجة الماسة فعندما يكون المعنى صعباً فإن القارئ السريع أيضاً يقصر مدى رؤيته لتزيد بذلك وقفاته وتقل سرعته.
إن البيانات الفوتوغرافية لحركات عين القرَّاء قد (حللت) و(صنفت) عن طريق اختصاصيين في هذه المادة واتضح منها أن مميزات القراء الجيدين هي:
1-    وقفات أقل.
2-    القراءة أكثر اتزاناً وحركات العين طبيعية أكثر.
3-    عدد الارتدادات أو الوقفات المرتدة أقل.
وبناءً على هذا فإن القارئ ينصح عادة بأن يقلل من وقفاته ويحرك عينيه باتزان ويبتعد عن الارتداد وهذا يفيد في توسيع مدى رؤيته.
تدريب العيون
الأرجح أن معظم القراء ليست لهم أية فكرة عن الحركات التي تتحركها أعينهم وأنهم لا يستطيعون التحكم في هذه الحركات بدقة ومن أراد السرعة في القراءة فعليه أن يقلل من وقفات عينه في كل سطر ويستطيع ذلك بأن يوجه بصره باتزان منتظم وأن يقلل من الارتدادات قدر الإمكان مع محاولة الإسراع في الفهم ولكن الوقفات الارتدادية ما هي إلا نتيجة للصعوبات في القراءة وليست المسببة لها وقد أوضح أحد العلماء أنه إذا جعل القارئ يقرأ خلال نافذة صغيرة تتحرك على طول السطر من الكلمات فإن عينه ترتد بالرغم من أن الكلمات لا يمكن أن ترى مرة أخرى وعلاج ذلك هو التركيز على المعنى وليس على الحركات فالقارئ الجيد يعود سريعاً في بعض الأحيان إلى الكلمات السابقة لأن مقدارًا معينًا من الارتدادات يكون مهماً لقراءة يقظة واستنتاجية ولا فائدة من الطلب من القارئ أن يتوقف عن الارتداد.
على القارئ بالطبع أن يهدف إلى فهم منطقة أوسع من المعاني وبذلك يستفيد بشكل أفضل من مدى رؤيته إن سعة الرؤية عند القارئ العادي مذهلة كما أوضحنا سابقا فإنه يستطيع أن يرى ثلاث أو أربع كلمات مترابطة في 1/100 من الثانية ولكنه ينجح بصعوبة في قراءة نص متصل بمعدل كلمتين في 1/4 من الثانية لأن الكلمات يجب أن تكون مفهومة بالعقل.
إن طرق التدريب عادة ما تهدف إلى (توسيع مدى الرؤية) في كل وقفة وذلك بتحسين القدرة على فهم المدى المشاهد من الكلمات ومن النظم التي استخدمت لتحقيق ذلك إظهار الكلمات فجأة على الشاشة أو عرض الكلمات في جزء من الثانية بواسطة وسائل آلية أو جعل القارئ يسرع ببصره إلى منتصف سلسلة من الكلمات كما لو أنه يمد بصره ولكن المشكلة ليست في كيفية رؤية مدى معزول من الكلمات فأي شخص يستطيع فعل ذلك بشكل فعَّال دون تدريب لكن المهم هو كيفية الربط بين الكلمات المتتابعة عند قراءتها وكيفية فهم معنى النص المطبوع بأكمله والدليل هو أن التمارين من أجل توسيع مدى الرؤية ليس لها أي تأثير على السرعة إن لم يصاحبها سرعة في الفهم.
لقد شددنا كثيراً على الفهم لأن فعالية القراءة ليست عائدة إلى مشاكل فنية في رؤية السطور فالقارئ ليس متلقياً سلبياً لا دور له فهو ليس وعاء أو اسفنجة يمكن أن يملأ بأي شيء نريد وبأية طريقة نشاء وفي أي وقت نختار لأن العقل مجموعة من العلاقات الفكرية المتصلة وليس مجموعة من وحدات منفصلة أولا صلة بينها والفهم هو قدرة على استيعاب العلاقات المتصلة وهذا الاستيعاب عملية يقوم بها العقل وليس حقنة يحقن بها.
والغذاء الأمثل للعقل هو المعلومات المترابطة التي توضع كوحدات في مجموعات متكاملة تمثل نظام التفكير ويعبر عنها بالمخططات الفكرية وهذه المخططات الفكرية تستوعب المعلومات المترابطة المتسلسلة الواضحة ولا تستوعب المعلومات المضطربة أو المتناقضة أو الغامضة والهدف الأساسي من الاستيعاب الفكري هو تكوين مخططات تكون المعرفة لدى القارئ وعلى القارئ أن يصل ما قرأه بالمعلومات التي يعرفها سابقاً.
والنظام الفكري مثل النظام الحسي يمكنه استيعاب كمية محددة من المعلومات خلال وقت معين وليس أكثر من تلك الكمية ويعتمد عمل العقل على مدى تعقيد النص فإذا كانت الأفكار في النص معقدة وصعبة احتاج العقل إلى عمل أكثر أما إذا كانت سهلة واضحة فإن العقل يعمل بجهد أقل وبسبب القدرة المحدودة لاستيعاب العقل يجب التمهل والتمعن عند القراءة وكلما كانت الأفكار تحتاج إلى تذكر كانت القراءة تحتاج إلى تروٍ أكثر.
ويمكن للقارئ أن يسرع في القراءة إذا كان الموضوع مألوفاً له ويمكنه ذلك حتى لو كانت المعلومات معقدة أو مفصلة لأنه يستطيع ربطها بمعرفته السابقة ولذا تقل كمية عمل العقل أن القراءة السريعة تجعل العقل يعمل بجهد كبير خلال فترة قصيرة من الزمن أما في القراءة البطيئة فالعقل يعمل بجهد كبير أيضاً ولكن للتركيز على كل التفاصيل الدقيقة كالأفكار الفرعية والكلمات غير المفهومة التي قد تكون غير مهمة ولهذا قد تأخذ عملية القراءة وقتاً طويلاً فيظن أن وقت القراءة غير كافٍ مما يدفع القارئ إلى اختيار القراءة السريعة وهذا يقوده إلى التغاضي عن بعض الأمور أو تركها فيكتشف أنه فوت الكثير من المعلومات المهمة.
وفي بعض الأحيان يجد القراء أنهم نسوا بداية الفقرة عند الوصول إلى نهايتها ويبدو أن المعلومات الأخيرة تدفع بالمعلومات الأولى خاصة إذا كان العقل لم يأخذ الوقت اللازم لاستيعابها فيضطر إلى نسيانها ليستطيع استيعاب المعلومات الجديدة فبعض المعلومات يكون من السهل نسيانها لأن العقل لم يستوعبها جيداً ولهذا وجب على القارئ أن يتحلى بأمرين:
1/ التعلم عن طريق الفهم:
يجب على القارئ الاعتماد على الفهم وليس الحفظ فالتعلم بالفهم يعتمد على اختيار المهم والمميز بين الأفكار الرئيسية والفرعية وتنظيمها بشكل مترابط أما الحفظ فيكون شاملاً لكل شيء في النص ويتم بتكرار ما في الفقرة وقد يأخذ ذلك وقتاً طويلاً وقراءة بطيئة ويكون الحفظ نافعاً إذا وجدت معلومات غير مترابطة بالنص أو غير متعلقة مباشرة ومن المعروف أن الحفظ لا يؤدي إلى الفهم بينما الفهم مرحلة ممهدة للحفظ.
2/ المرونة
يجب على القارئ أن يقرأ بسرعات مختلفة اعتماداً على درجة صعوبة المعلومات الموجودة في النص ليستطيع العقل استيعاب كمية المعلومات المحددة فإذا كانت المعلومات صعبة يجب على القارئ أن يقرأ ببطء وأن يأخذ وقتاً أطول حتى يتمكن من استيعابها وكلما كان النص سهل الاستيعاب وجب عليه أن يقرأ بسرعة وأن يأخذ وقتاً أقل.
ولتوفير الوقت للوصول للاستيعاب عند قراءة نص ما يجب علينا اتباع الخطوات التي أشرنا إليها عند حديثنا عن القراءة الفاحصة ويمكن إيجازها بالخطوات التالية: أولاً. قراءة النص قراءة خاطفة لتكوين الفكرة الأساسية عنه. ثانياً: قراءته قراءة فاحصة لاستيعاب الأفكار الأساسية وفهم بعض المعلومات الهامة والدقيقة ثالثاً: اختيار الفقرة لمهمة في النص وحفظ ما يحتاج إلى حفظ أي تبدأ القراءة من التعميم إلى التخصيص وأخيراً يجب على القارئ ربط هذه المعلومات الجديدة بمعرفته القديمة وهكذا بتوزيع الجهد والوقت تزيد فعالية القراءة وعند امتحان بعض القرَّاء اتضح أنهم جميعاً لهم القدرة على الاستيعاب ولكن كلًا منهم يعتمد على طريقته الخاصة والمهم ألا يقضي القارئ وقتاً أطول من المطلوب في موضوع سهل.. فلكل موضوع وقت محدد حتى يستطيع قراءته واستيعابه.
 وليكون المرء ناجحاً لا بد أن يصل إلى هدفه بأسرع ما يمكن وبسهولة والسرعة في القراءة مرتبطة بهدف واهتمام القارئ ومعرفته للمادة وقدرته على الفهم وطريقة استيعابه وقدرته على بذل الجهد وطبيعة المادة وهذه مجتمعة تحدد مدى فعالية القراءة فالحقيقة أن مهمة القراءة ككل معقدة وعلى القارئ أن يخطط ويرتب أفكاره ويختار أفضل طريقة للوصول إلى الهدف المحدد عندها يمكن أن يكون قادراً على زيادة سرعته في القراءة مرتين أو ثلاثاً.



لماذا هويت القراءة  – عباس محمود العقاد
أول ما يخطر على البال – حين يوجه هذا السؤال إلى أحد مشتغل بالكتابة – أنه سيقول : إنني أهوى القراءة لأنني أهوى الكتابة!. ولكن الواقع أن الذي يقرأ ليكتب وكفى هو (موصل رسائل) ليس إلا. أو هو كاتب بالتبعية وليس كاتبًا بالأصالة. فلو لم يسبقه آخرون لما كان كاتبًا على الإطلاق ، ولو لم يكن أحد قبله قد قال شيئًا لما كان عنده شيء يقوله للقرَّاء. وأنا أعلم فيما أعهده من تجاربي أنني قد أقرأ كتباً كثيرة لا أقصد الكتابة في موضوعاتها على الإطلاق ، وأذكر من ذلك أن أديباً زارني فوجد على مكتبي بعض المجلدات في غرائز الحشرات، فقال مستغربًا وما لك أنت وللحشرات؟!  إنك تكتب في الأدب وما إليه ، فأية علاقة للحشرات بالشعر والنقد والاجتماع؟ و لو شئت لأطلت في جوابه ، ولكنني أردت أن أقتضب الكلام بفكاهة تبدو كأنها جواب وليس فيها جواب.
فقلت: أنسيت أنني أكتب أيضاً في السياسة؟
قال: نعم نسيت والحق معك! فما يستغنى عن العلم بطبائع الحشرات رجل يكتب عن السياسة والسياسيين في هذه الأيام.
والحقيقة كما قلت مراراً إن الأحياء الدنيا هي مسودات الخلق التي تتراءى فيها نيات الخالق كما تتراءى في النسخة المنقحة ، وقد تظهر من المسودة  أكثر ما تظهر بعد التنقيح. فإذا اطلع القارئ على كتاب الحشرات ، فليس من اللازم أن يطلع عليه ليكتب في موضوعه ، ولكنه يطلع عليه لينفذ إلى بواطن الطبائع وأصولها الأولى ، ويعرف كيف نشأ هذا الإحساس أو ذاك ، فيتقرب بذلك من صدق الحس وصدق التعبير ، ولو في غير هذا الموضوع .
كذلك لا أحب أن أجيب عن السؤال كما أجاب قارئ التاريخ في البيت المشهور :
و من وعى التاريخَ في صدِره


أضافَ أعماراً إلى عمره

فليست إضافة أعمار إلى العمر بالشيء المهم إلا على اعتبار واحد ، وهو أن يكون العمر المضاف مقداراً من الحياة لا مقداراً من السنين ، أو مقداراً من مادة الحس والفكر والخيال ، لا مقداراً من أخبار الوقائع وعدد السنين التي وقعت فيها. فإن ساعة من الحس والفكر والخيال تساوي مائة سنة أو مئات السنين ، ليس فيها إلا أنها شريط لطائفة الأخبار وطائفة الأرقام.
كلا لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب .. وإنما أهوى القراءة، لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا ، وحياة واحدة لا تكفيني ، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة.
والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق وإن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب.
فكرتك أنت فكرة واحدة ..
شعورك أنت شعور واحد..
خيالك أنت خيال فرد إذا قصرته عليك..
ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى ، أو لاقيت بشعورك شعوراً آخر ، أو لاقيت بخيالك خيال غيرك ..... فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين ، أو أن الشعور يصبح شعورين ، أو أن الخيال يصبح خيالين.
كلا ... وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات من الفكر في القوة والعمق والامتداد.
والمثل الأعلى على ذلك ، محسوس في عالم الحس والمشاهدة ، ومحسوس في عالم العطف والشعور.
ففي عالم المشاهدة يجلس المرء بين مرآتين فلا يرى إنساناً واحداً أو إنسانين اثنين ، ولكنه يرى عشرات متلاحقين في نظره إلى غاية ما يبلغه النظر في كل اتجاه.
وفي عالم العطف والشعور نبحث عن أقوى عاطفة تحتويها نفس الإنسان فإذا هي عاطفة الحب المتبادل بين قلبين... لماذا؟!  لأنهما لا يحسان بالشيء الواحد كما يحس به سائر الناس. لا يحسان به شيئاً ولا شيئين ، وإنما يحسان به أضعافاً مضاعفة لا تزال تتجاوب وتنمو مع التجاوب إلى غاية ما تتسع له سائر الأحياء.
هكذا يصنع التقاء مرآتين ، وهكذا يصنع التقاء قلبين... فكيف بالتقاء العشرات من المرائي النفسية في نطاق واحد. وكيف بالتقاء العشرات من الضمائر والأفكار؟..
إن الفكرة الواحدة جدول منفصل.
أما الأفكار المتلاقية فهي المحيط الذي تتجمع فيه الجداول جميعاً والفرق بينها وبين الفكرة المنفصلة كالفرق بين الأفق الواسع والتيار الجارف وبين الشط الضيق والموج المحصور.
وقد تختلف الموضوعات ظاهراً أو على حسب العناوين المصطلح عليها ولكنك إذا رددتها إلى هذا الأصل.
كان أبعد الموضوعات كأقرب الموضوعات من وراء العناوين.
أين غرائز الحشرات مثلًا من فلسفة الأديان؟
وأين فلسفة الأديان من قصيدة غزل أو قصيدة هجاء؟
وأين هذه القصيدة أو تلك من تاريخ نهضة أو تاريخ ثورة؟
وأين ترجمة فرد من تاريخ أمة!
ظاهر الأمر أنها موضوعات تفترق فيما بينهما افتراق الشرق من الغرب والشمال من الجنوب.
وحقيقة الأمر أنها كلها مادة حياة وكلها جداول تنبثق من ينبوع واحد وتعود إليه.
غرائز الحشرات بحث في أوائل الحياة
وفلسفه الأديان بحث في الحياة الخالدة الأبدية
وقصيدة الغزل أو قصيدة الهجاء قبسان من حياة إنسان في حالي الحب والنقمة.
ونهضة الأمم أو ثورتها هما جيشان الحياة في نفوس الملايين وسيرة الفرد العظيم معرض لحياة إنسان مميز بين سائر الناس.
وكلها أمواج تتلاقى في بحر واحد وتخرج بنا من الجداول إلى المحيط الكبير.
ولم أكن أعرف حين هويت القراءة إنني أبحث عن هذا كله أو أن هذه الهواية تصدر من هذه الرغبة.
ولكنني هويتها ونظرت في موضوعات ما أقرأ فلم أجد بينها من صلة غير هذه الصلة الجامعة وهى التي تتقارب بها القراءة عن فراشة والقراءة عن المعرى وشكسبير.
لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة
ولكنى أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني.
ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة ومهما يلبس لن يلبس على غير جسد واحد ومهما يتنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين.
ولكنه بزاد الفكر والشعور والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل وتتضاعف الصورة بين مرآتين.
والكتب المفضلة عندي هي كتب فلسفة الدين ، وكتب التاريخ الطبيعي ، وتراجم العظماء ، وكتب الشعر.
إنني أقرأ هذه الكتب وأعتقد أن العلاقة بينها متينة ، وإن كانت تفترق في الظاهر ، لأنها ترجع إلى توسيع أفق الحياة أمام الإنسان. فكتب فلسفة الدين تبين إلى أي حد تمتد الحياة قبل الولادة وبعد الموت ، وكتب التاريخ الطبيعي تبحث في أشكال الحياة المختلفة وأنواعها المتعددة ، وتراجم العظماء معرض لأصناف عالية من الحياة القوية البارزة ، والشعر هو ترجمان العواطف ، إنني أفضل من الكتب كل ما له مساس بسر الحياة.
وتسألني ما هو سر الحياة؟ فأقول على الإجمال: إنني أعتقد أن الحياة أعم من الكون ، وأن ما يرى جامداً من هذه الأكوان أو مجرداً من الحياة إن هو في نظري إلا أداة لإظهار الحياة في لون من الألوان أو قوة من القوى .... والحياة شيء دائم أبدي أزلي ، لا بداية له ولا نهاية.
ومن جهة أخرى فإن الكتب طعام الفكر ، وتوجد أطعمة لكل فكر كما توجد أطعمة لكل بنية ، ومن مزايا البنية القوية أنها تستخرج الغذاء لنفسها من كل طعام ، وكذلك الإدراك القوي الذي يستطيع أن يجد غذاء فكرياً في كل موضوع وعندي أن التحديد في اختيار الكتب إنما هو كالتحديد في اختيار الطعام ، وكلاهما لا يكون إلا لطفل أو مريض ، فاقرأ ما شئت تستفد إذا كان لك فكر قادر أو معدة عقلية تستطيع أن تهضم ما يلقى فيها من الموضوعات ، وإلا فاجعل القابلية فيما تختار لأن الجسم في الغالب يغذيه ما نشتهيه.
ولا تغني الكتب عن تجارب الحياة ، ولا تغني التجارب عن الكتب ، لأننا نحتاج إلى قسط من التجربة لكي نفهم حق الفهم ، أما أن التجارب لا تغني عن الكتب ، فذلك لأن الكتب هي تجارب آلاف السنين في مختلف العصور والأمم ، ولا يمكن أن تبلغ تجربة الفرد الواحد أكثر من عشرات السنين.
لا أظن أن هناك كتبًا مكررة لأخرى ، لأني أعتقد أن الفكرة الواحدة إذا تناولها ألف كتاب أصبحت ألف فكرة ولم تعد فكرة واحدة ، ولهذا أتعمَّد أن أقرأ في الموضوع الواحد أقوال كتَّاب عديدين وأشعر أن هذا أمتع وأنفع من قراءة الموضوعات المتعددة ، فمثلا أقرأ في حياة نابليون أكثر من أقوال ثلاثين كتابا وأنا واثق من أن كل نابليون من هؤلاء غير نابليون الذي وصف في كتب الآخرين.
أما تأثير كل أنواع الكتب الثلاثة العلمية والأدبية والفلسفية فهو أن الكتب العلمية تعلمنا الضبط والدقة وتفيد المعارف المحدودة والتي يشترك فيها جميع الناس ، والكتب الأدبية توسع دائرة العطف والشعور وتكشف لنا عن الحياة والجمال ، والكتب الفلسفية تنبه البصيرة وملكة الاستقصاء. وتتعدى بالقارئ من المعلوم إلى المجهول وتنتقل به من الفروع إلى الأصول.
وكل هذه الأنواع لازم لتثقيف الإنسان وتعريفه جوانب هذا العالم الذي يعيش فيه وأنا أفضلها على هذا الترتيب: الأدبية، فالفلسفية، فالعلمية.
ولا يستطيع القارئ أن يحصر مقدار الفائدة التي يجنيها من كتاب فرب كتاب يجتهد في قراءته كل الاجتهاد، ثم لا يخرج منه بطائل ورب كتاب يتصفحه تصفحاً ثم يترك في نفسه أثراً عميقاً يظهر في كل رأي من آرائه وكل اتجاه من اتجاهاته فأنت لا تعرف حق المعرفة (الطريقة) التي تضمن الفائدة التامة من قراءة الكتب ولكن لعل أفضل ما يشار به –على الإجمال- هو ألا تُكره نفسك على القراءة وأن تدع الكتاب في اللحظة التي تشعر فيها بالفتور والاستثقال.
أما مقياس الكتاب المفيد فإنك تتبينه من كل ما يزيد معرفتك وقوتك على الإدراك والعمل وتذوق الحياة فإذا وجدت ذلك في كتاب ما كان جديراً بالعناية والتقدير فإننا لا نعرف إلا لنعمل أو لنشعر أما المعرفة التي لا عمل وراءها لا شعور فيها فخير منها عدمها وعلى هذا المقياس تستطيع أن تفرق بين ما يصلح للثقافة والتهذيب وما لا يصلح.
اسم الفاعل: صيغته ودلالته :
اسم الفاعل: اسم يصاغ لمن وقع منه الفعل أو اتصف به فإذا قلنا (محمد كاتب) و(الخط مستقيم)
فاسم الفاعل (كاتب) يدل على من وقعت منه الكتابة
واسم الفاعل (مستقيم) يدل على المتصف بالاستقامة
صياغة اسم الفاعل:
لصياغة اسم الفاعل تنظر إلى فعله: أهو ثلاثي أم غير ثلاثي؟
فإن كان ثلاثياً فاسم الفاعل منه على وزن فاعل مثل:
الفعل
اسم الفاعل
كتب
كاتب
سأل
سائل
قرأ
قارئ
أخذ
آخذ
رضي
راضٍ
طوى
طاوٍ
وعي
واعٍ

وإذا كان الفعل غير ثلاثي ننظر إلى مضارعه اسم الفاعل منه مثل:
الفعل
عدد حروفه
المضارع
اسم الفاعل
أحسن
رباعي
يُحسن
مُحسن
اقترب
خماسي
يقترب
مُقترب
استقام
سداسي
يستقيم
مستقيم


صيغ المبالغة من الفعل الثلاثي:
صيغ المبالغة مثل اسم الفاعل، ولكنها تخالف صيغته القياسية (فاعل) ويقصد بها المبالغة في الفعل أو الصفة ويوضحها الجدول التالي:


صيغ المبالغة
الأمثلة
1
فعّال
غفّار- بسّام- أكّال- هجّام- صدّام- شدّاد
2
مِفعال
مِقدام- مِطعام- مِعوان- مغوار
3
فعول
غفور- صبور- طروب- غيور- ضحوك- جموح
4
فعيل
عليم- رحيم- فطين- اثيم- شريد- أبي- زكي- عتي
5
فَعِل
فَطِن- نَهِم- شَرِه- فَرِح- مَرِح- فَهِم
6
فاعول
فاروق (لقب عمر بن الخطاب) حاسوب
7
فعّيل
شريّب- قدّيس- صدّيق (لقب يوسف النبي وأبي بكر) صدّيقة (لقب مريم أم المسيح عليهما السلام)- سكّير- سكّيت
8
فعّالة
علّامة- بحّاثة
ملاحظات
1/ صيغة (فاعل) قد تكون للمبالغة بزيادة (تاء) تُسمَّ (تاء المبالغة) مثل نابغة، داهية، وراوية.
2/ صيغة (فعيل) مشتركة بين اسم الفاعل للمبالغة والصفة المشبهة التي تدل على الطبائع أو الغرائز الملازمة مثل: عليم، فقيه، وأريب، وأديب.
عمل اسم الفاعل
اسم الفاعل يعمل عمل فعله المبني للمعلوم، فيرفع الفاعل وينصب المفعول به إذا كان الفعل متعدياً ويرفع الفاعل فقط إذا كان الفعل لازمًا مثال الفعل المتعدي.
الفارسُ ناهبٌ جوادُه الأرضَ
الإعراب:
(الفارس) مبتدأ مرفوع بالضمة (ناهب) خبر مرفوع بالضمة، (جواده) فاعل لاسم الفاعل مرفوع، والهاء ضمير مبني في محل جر مضاف إليه، (الأرض) مفعول به لاسم الفاعل منصوب بالفتحة. ولا تجوز إضافته إلى فاعله.
مثال الفعل اللازم:
 النيلُ متدفقٌ ماؤُه
الإعراب:
(النيل) مبتدأ مرفوع بالضمة (متدفق) خبر مرفوع بالضمة (ماؤه) فاعل لاسم الفاعل متدفق مرفوع بالضمة، والهاء ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
ونلاحظ أننا يمكننا وضع الفعل مكان اسم الفاعل وإعراب ما بعدهما يكون واحداً.
الفارس ناهب جواده الأرض
الفارس نهب جواده الأرض
النيل متدفق ماؤه
النيل تدفق ماؤه.
فروق لغوية
أما- أمَّا- إمَّا
أما: حرف تنبيه وقد تكون للعرض كقولهم: أما تزورنا. وقد ينظر إليها على أنها مكونة من همزة الاستفهام (أ) وحرف النفي (ما) وهنا تكتسب الدلالة على التحقيق ويغلب وقوعها أمام القسم كقول الشاعر.
أما والذي لا يعلم الغيبَ غيرُه


ويُحيي العظامَ البيضَ وهي رميم


أمَّا: بتشديد الميم: أداة شرط وتفصيل ويأتي جوابها مقترنا بالفاء كما في قوله تعالى ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11))
 وقوله (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10).
إمَّا: بكسر الألف إذا كنت مشترطاً أو مخيراً أو مختاراً (لا أدري من قام إمّا زيد أو عمرو).
شواهد
(إنا هديناه السبيل إمّا شاكراً أو كفورا)
(إما يعذبهم وإما يتوب عليهم)
(إمّا أن تعذب وإمّا أن تتخذ فيهم حسنًا)
قواعد إملائية
الهمزة في أول الكلمة:
الهمزة في أول الكلمة نوعان: ألف وصل –همزة وصل وهمزة قطع
(1)همزة الوصل: ترسم في الكتابة ألفا وتنطق في الابتداء تسهيلا للنطق بالساكن وتسقط عند وصل الكلمة بما قبلها ولذلك أطلق عليها بعضهم (ألف الوصل)
ومن مواضعها في الأفعال ومصادرها:
·  أمر الثلاثي: اكتب- اعلم
·  ماضي الخماسي وأمره ومصدره: انطلق- انطلق- انطلاقا
·  ماضي السداسي وأمره ومصدره: استخرج- استخرج- استخراجا
·  ومنها في الأسماء: اسم ابن، ابنة، امرؤ، امرأة، اثنان، اثنتان
·  وفي كلمة (اسم) تسقط هذه الألف كتابة في البسملة الكاملة: (بسم الله الرحمن الرحيم)
·  أما في غيرها فتثبت: باسمك اللهم، باسم الله، باسم الرحمن
·  وفي كلمة ابن تحذف الألف إن وقعت بين علمين الثاني هو والد للأول (عمر بن الخطاب) فإن وقعت في أول السطر ثبتت الألف
(2)همزة القطع: وهي الهمزة التي تثبت في الابتداء والوصل كتابة ونطقاً وسميت همزة القطع لأنها ينقطع باللفظ بها ما قبلها عما بعدها، ومن صورها في الأفعال:
·  ألف الرباعي المهموز أوله والأمر منه، أكرم الأستاذ طلابه، أكرم طلابك.
·  ألف المضارعة في الفعل المسند إلى ضمير المتكلم المفرد: أكل أكلاً، أمر أمراً، أخذ أخذاً.
·  ومنها مصادر الرباعي المهموز الماضي، وأمره: أقبل إقبالاً- اقبل أشرف إشرافاً، أشرف.
الهمزة في وسط  الكلمة
إن كانت ساكنة وكان ما قبلها متحركا كتبت بحرف يناسب حركة ما قبلها.
الهمزة في آخر الكلمة
أما في أواخر الكلمات فتأخذ الصور الآتية :
إذا جاء ما قبلها مفتوحاً: ترسم على ألف : خطأ- نبأ.
إذا جاء ما قبلها مضموما: ترسم على الواو: لؤلؤ، جرؤ.
إذا جاء ما قبلها مكسوراً: ترسم على ياء قارئ، يستهزئ.
كلمات تكتب بأكثر من طريقة في رسم همزتها:
رءوس- رءوف- رؤوس- رؤوف.

مهارات التخاطب الشفوي
الـــمنـــــــــاقــــــــــــشــــــــــة :
ويقصد بها الحديث المشترك بين شخصين و أكثر في موضوع تم إعداده مسبقاً وهذا الحديث يكون فيه مؤيد ومعارض، وسائل ومجيب والمناقشة نشاط لإثارة التفكير الناقد، والمفهوم من المناقشة إنها اختيار ثلاثة أو أربعة يعهد إليهم ببحث الموضوع الذي يطرح للمناقشة على أن ينفرد كل واحد ببحث ناحية منه حتى لا يكون هناك تكرار أو تضارب في الرأي في أثناء المناقشة وحتى تنال كل ناحية حظها من الدراسة الدقيقة، وبذلك يتكامل الموضوع ويصبح وحدة تامة.
والمناقشة ضرورية في حياتنا المعاصرة بما تقتضيه من اهتمام بالمناقشة والإقناع ولهذا ينبغي أن يكون الفرد قادراً عليها كي يستطيع أن يوضح أفكاره ويقنع بها الآخرين.
وهي أسلوب علمي وليست مجرد تبادل طرح أسئلة وتلقي إجابات كما أنها ليست تعبيراً غير منظم بل إنها عملية التفاعل بين الأفكار والحقائق التي تحدث بين مجموعة من الأشخاص بغرض زيادة فهمهم للموضوع المطروح للمناقشة واكتساب مهارات البحث في المشكلات العلمية ويراعى في المناقشة التدريب على المهارات الآتية:
-        تنمية العمل الجماعي المشترك تجاه أية مشكلة من المشكلات
-        القدرة على الإقناع بالحجة والدليل
-        القدرة على تحديد المشكلات المطروحة للمناقشة بوضوح ودقة
-        فهم الأفكار المطروحة وتحليلها وتقويمها
-        تقبل آراء الآخرين واحترامها دون انفعال أو عصبية
-        مراعاة النظام في المناقشة وترك الفرصة للآخرين لإبداء آرائهم
-        الإجابة المركزة عن الأسئلة المطروحة
-        توضيح الهدف من المناقشة، ومعرفة الموضوع من البداية.

الحوار:
الحوار باعتباره واحداً من أهم مجالات الاتصال الشفهي يعد وسيلة لنقل الأفكار وتبادل الآراء للوصول إلى أهداف مقصودة فهو عملية تتضمن المحادثة بين أفراد و مجموعات على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم من أجل تبادل المعرفة والفهم ومن أهم العوامل التي يتوقف عليها نجاح الحوار وتحقيقه للأهداف المنشودة من ورائه، مدى التزام أطرافه بفنياته وآدابه في تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم.
والحوار أيضاً هو: تفاعل لفظي (وأحياناً غير لفظي) بين اثنين أو أكثر من البشر بهدف التواصل الإنساني وتبادل الأفكار والخبرات وتكاملها  وهو نشاط حياتي يومي نمارسه في المنزل  والشارع والمكتب والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام وبقدر ما يكون الحوار إيجابياً يكون مثمراً في حياة الفرد وكيان الجماعة وبقدر ما يكون سلبياً يكون هداماً لكيان الفرد وكيان الجماعة.
كما يعد الحوار من أهم مواقف التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي التي تتطلبها الحياة في المجتمع المعاصر لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال. كما أن الحوار من الأنشطة التي تحرر الإنسان من الانغلاق والانعزالية وتفتح له قنوات للتواصل يكتسب من خلالها المزيد من المعرفة والوعي.
ويكتسب الحوار أهميته من كونه وسيلة للتآلف والتعاون وبديلاً عن سوء الفهم والتقوقع والتعسف والتفرقة والصراع وبذلك يصبح الحوار ضرورة طالما تفاعل الناس وتدافعوا واختلفت انتماءاتهم ومصالحهم وأفكارهم ومشاعرهم تجاه الأشياء والأشخاص من حولهم ومثلما تتطلب العلاقات بين الناس فتح قنوات للحوار وتبادل الأفكار والمشاعر لتزيد من فرص الفهم المتبادل والتفاهم والتآلف والتعاون فإن الأفكار ذاتها تنمو وتتطور تحتاج إلى الاحتكاك والتفاعل بين بعضها لتولد مزيداً من الأفكار.
ومن جهة أخرى تزداد أهمية الحوار لمواجهة كم هائل من المشكلات والقضايا التي تواجه الإنسان المعاصر وتتطلب تكاتف الجهود والتنسيق والتعاون من أجل مواجهتها فالتحديات التي يواجهها الإنسان في كل مكان لا يمكن لفرد أو حتى أمة أن تواجهها بمفردها بل لا بد من التعاون ففي عصر الأسلحة الفتاكة يجب على الجميع أن يتعلموا كيف يعملون سوياً ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتفاوض.

فنيات الحوار :
فنيات الحوار هي مجموعة من المهارات المتكاملة التي يتطلبها أداء الفرد للأنشطة التي يتضمنها الحوار بكفاءة .
1/ مرحلة الإعداد للحوار:
وتتطلب عملية الإعداد للحوار امتلاك الشخص مجموعة من الفنيات التي تمكنه من أداء المهام الآتية:
اختيار موضوع الحوار في ضوء اهتمامات المشاركين في الحوار وفي ضوء المناسبات والأحداث الجارية والقضايا والأمور المؤثرة على المستوى المحلي والعالمي وتحديد الغرض العام للحوار من خلال الإجابة عن السؤال: هل هذا الحوار للتثقيف أم للإقناع أم للتسلية وتحديد الغرض الخاص للحوار من خلال الإجابة عن السؤال ماذا أريد من المشاركين في الحوار أن يفعلوا أو يستنتجوا أو يفهموا أو يميزوا أو يحددوا ؟.. صياغة العنوان بدقة ليعبر عن المشكلة أو  القضية التي سيتم التحاور بشأنها وتبدو أهمية هذه الخطوة في تهيئة المشاركين والمهتمين بموضوع الحوار ذهنياً.. وتركيز انتباههم في النقاط الرئيسية مما يعين في تحقيق أهداف الحوار ثم تخطيط الموضوع من خلال تحديد الأفكار الرئيسية للموضوع وتحديد النقاط الفرعية التي تتفرع عن كل فكرة رئيسية واختيار النموذج المناسب لتنظيم الأفكار حسب طبيعة الموضوع وأفكاره الرئيسية.
2/ مرحلة تنفيذ الحوار
تتطلب مرحلة تنفيذ الحوار امتلاك الفرد مجموعة من الفنيات أهمها ما يلي:
-        1:التعريف بأطراف الحوار .
-        2:استخدام طبقة الصوت المناسبة لمضمون الرسالة التي يريد توصيلها للمستمع .
-        3:تنجب الإشارات والإيماءات المضللة أثناء الحديث والتي لا تخدم مضمون الرسالة .
-   4:الإنصات لما يقال أثناء الحوار فالانتباه لما يقوله الآخرون أمر لا غنى عنه في أي تواصل شفهي ناجح، وبدونه يفقد الحوار أهم ركن من أركانه
-        5:توزيع الحوار بين الأطراف المشاركة .
-        6:استخدام وسائل بصرية تساعد في شرح الموضوع .
-        7:تكرار ذكر الأفكار المهمة أكثر من مرة بأساليب مختلفة لتركيز انتباه المستمع فيها .
-        8:الاستفادة من التغذية الراجعة في أثناء الموقف لتحسين الأداء .
-        9:تجنب ذكر معلومات أو آراء دون امتلاك أدلة أو براهين تدعمها .
-        10:الإلمام الواسع بموضوع الحوار .
-   11:استخدام اللغة المناسبة التي تعبر عن المعنى المقصود دون مبالغة وتخلو من استخدام القوالب اللفظية الجامدة التي لا تناسب الموقف .
-        12:استخدام الإيجاز غير المخل في تقديم الأفكار .
-        13:شرح وتوضيح المصطلحات الفنية التي قد ترد أثناء الحديث .
-        14:توظيف السؤال في خدمة أغراض الحوار .
-   15:الانتباه إلى الإجابات والردود على الأسئلة والاستفادة منها في جعل الحوار موصولا بين الأطراف المشاركة
-        16:القدرة على إعطاء التعقيب المناسب على ما يقال أثناء الحوار
أسس الحوار الفعال
يتطلب الحوار الفعال مراعاة مجموعة من الأسس أهمها:
-        أن يكون فيما يفيد وينفع .
-        الاعتراف بحرية الآخرين في الاختلاف والتعبير عن آرائهم .
-        الاستعداد لتبادل الآراء والأفكار مع الآخرين من أجل الوصول إلى أفضل البدائل الممكنة .
-        تقبل كل طرف احتمال خطأ وجهة نظره واستعداده لتعديلها في ضوء ما يستجد من أدلة ومعلومات .
-        تجنب الإساءة للآخرين مهما كانت حدة الخلاف معهم .
-        الشجاعة في إبداء الرأي أمام المخالفين طالما يملك الأدلة والحجج القوية على صدقه وصحته .
-        حسن الإنصات لما يقوله الآخرون وإتاحة الفرص لهم لطرح أفكارهم دون مقاطعة .
-        عدم السخرية من المخالفين وعدم الاستهزاء بآرائهم .
-   الدقة في اختيار الكلمات والعبارات التي تعبر عما يعنيه كل طرف وتجنب استخدام الألفاظ المبهمة والغريبة التي قد يساء فهمها .
-        تجنب الخداع والمراوغة والتلاعب بالألفاظ من أجل فرض رأي .
آداب الحوار في الإسلام :
النجاح في أي حوار يستدعي فهم مضمون الحديث فهما صحيحاً لأن لمضمون الحديث أثراً مهماً وعليه يتوقف مسار الحوار والمناقشة فإذا كان مضمون الحديث ومحتواه جذاباً ومريحاً للمستمع استمر الحوار البناء وأتى التواصل ثمرته أما إذا كان محتواه غير ذلك فان المناقشة أو الحوار يصبح دفاعياً أو هجومياً وتكون نتيجته سلبية على الطرفين.
وإذا كان الإسلام يطلب الحق والعدل ويدعو إليهما فإن الوسيلة لإقرارهما تتبدى بالحوار الذي أقامه الإسلام على ثلاثة مستويات:
1-  المستوى الأول: الحوار مع النفس ومحاسبتها وحملها على الجادة وطلب الحق ويكون هذا في شكل حوار داخلي مستمر بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة حتى يصل الإنسان إلى الاطمئنان.
2-  المستوى الثاني: الحوار بين أفراد المجتمع الإسلامي عملاً بمبدأ (نصف رأيك عند أخيك) ومبدأ التعاون في الاتفاق والأعذار في الاختلاف حفاظاً على وحدة الصف الإسلامي
3-  المستوى الثالث: الحوار بين المسلمين وغير المسلمين الذين يشتركون معاً في أعمار الكون وهو حوار يجرى وفق مبدأ المنفعة الذي يمنع الفساد وينمي عوامل الخير.
إن للحوار غايتين: أحدهما قريبة، والأخرى بعيدة، أما غاية الحوار القريبة التي تطلب لذاتها دون اعتبار آخر فهي محاولة فهم الآخرين أما الغاية البعيدة فهي إقناع الآخرين بوجهة نظر معينة.
ومن آداب الحوار التي ركز عليها الإسلام:
1-  حسن الخطاب وعدم الاستفزاز أو ازدراء الغير فالحوار غير الجدال واحترام الآراء شرط نجاحه ولنا في حوار الأنبياء مع أقوامهم أسوة حسنة فموسى وهارون –عليهما السلام- أمرا أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يذكر أو يخشى وفي سورة سبأ يسوق الله لنا أسلوباً لمخاطبة غير المسلمين حيث يقول في معرض الحوار (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين).
2-  أن يصدر عن قاعدة قدرها علماء المسلمين وهي قاعدة (قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب) فالحق ضالة المؤمن وضالة الإنسان العاقل واتباع الغير واتباع الشهوات مما عابه القرآن على الكافرين وعده سبباً لهلاك الأمم. والذي حسم الخلاف بين المسلمين هو المرجعية المعرفية لهم والمتمثلة في القرآن الكريم في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي ‏شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ ‏تَأْوِيلًا ‏)- النساء 59
أنواع الحوار :
والآن نستعرض أنواع وبعض ألوان الحوار السائدة في حياتنا والمؤثرة في سلوكنا وفي مسيرتنا الحضارية أفراداً وجماعات ولنبدأ بألوان الحوار السلبي:
1/ الحوار العدمي التعجيزي: وفيه لا يرى أحد طرفي الحوار أو كلاهما إلا السلبيات والأخطار والعقبات وهكذا ينتهي الحوار إلى أنه (لا فائدة) ويترك هذا النوع من الحوار قدراً كبيراً من الإحباط لدى أحد الطرفين أو كليهما، حيث يسد الطريق أمام كل محاولة للنهوض أو مواصلة الحوار.
2/ حوار المناورة (الكر والفر): ينشغل الطرفان (أو أحدهما) بالتفوق اللفظي في المناقشة بصرف النظر عن الثمرة الحقيقية والنهائية لتلك المناقشة وهو نوع من إثبات الذات بشكل سطحي.
3/ الحوار المزدوج في مفاهيمه: وهنا يعطى ظاهر الكلام معنى غير ما يعطيه باطنه لكثرة ما يحتويه من التورية والألفاظ المبهمة، وهو يهدف إلى إرباك الطرف الآخر ودلالاته أنه نوع من العدوان الخبيث
4/ الحوار السلطوي (اسمع واستجب): نجد هذا النوع من الحوار سائداً على كثير من المستويات فهناك الأب المتسلط والأم المتسلطة والمدرس المتسلط والمسؤول المتسلط..الخ وهو نوع شديد من العدوان حيث يلغي أحد الأطراف كيان الطرف الآخر ويعتبره أدنى من أن يحاور بل عليه فقط السماع للأوامر الفوقية، والاستجابة دون مناقشة أو تضجر.. وهذا النوع من الحوار فضلاً عن أنه إلغاء لكيان (وحرية) طرف لحساب الطرف الآخر فهو يلغي ويحبط القدرات الإبداعية للطرف المقهور فيؤثر سلباً على الطرفين وعلى الأمة بأكملها.
5/ الحوار السطحي (لا تقترب من الأعماق فتغرق): حين يصبح التحاور حول الأمور الجوهرية محظوراً أو محاطاً بالمخاطر يلجأ أحد الطرفين أو كلاهما إلى تسطيح الحوار طلباً للسلامة أو كنوع من الهروب من الرؤية الأعمق.
6/ حوار الطريق المسدود (لا داعي للحوار فلن نتفق): يعلن الطرفان (أو أحدهما) منذ البداية تمسكهما (أو تمسكه) بثوابت متضادة تغلق الطريق منذ البداية أمام الحوار وهو نوع من التعصب الفكري وانحسار مجال الرؤية.
7/ الحوار ألإلغائي أو التسفيهي (كل ما عداي خطأ): يصر أحد طرفي الحوار على ألا يرى شيئاً غير رأيه، وهو لا يكتفي بهذا بل يتنكر لأي رؤية أخرى ويسفهها ويلغيها وهذا النوع يجمع كل سيئات الحوار السلطوي وحوار الطريق المسدود.
8/ حوار البرج العاجي: ويقع فيه بعض المثقفين حين تدور مناقشتهم حول قضايا فلسفية أو شبه فلسفية مقطوعة الصلة بواقع الحياة اليومي وواقع  مجتمعاتهم وغالباً ما يكون ذلك الحوار نوعاً من الحذلقة وإبراز التميز على العامة دون محاولة ايجابية لإصلاح الواقع.
9/ الحوار الموافق (معك على طول الخط): وفيه يلغي أحد الأطراف حقه في التحاور لحساب الطرف الآخر، إما استخفافاً (خذه على قدر عقله) أو خوفاً أو تبعية حقيقة، طلباً لإلقاء المسؤولية كاملة على الآخر.
10/ الحوار المعاكس (عكسك دائماً): حين يتجه أحد طرفي الحوار يميناً يحاول الطرف الآخر الاتجاه يساراً والعكس بالعكس وهو رغبة في إثبات الذات بالتميز والاختلاف ولو كان ذلك على حساب جوهر الحقيقة (خالف تعرف).
11/ حوار العدوان السلبي (صمت العناد والتجاهل): يلجأ أحد الأطراف إلى الصمت السلبي عناداً وتجاهلاً ورغبة في مكايدة الطرف الآخر بشكل سلبي دون التعرض لخطر المواجهة.
كل هذه الألوان من الحوارات السلبية الهدامة تعوق الحركة الصحيحة الايجابية التصاعدية للفرد والمجتمع والأمة، وللأسف فكثير منها سائد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لأسباب لا مجال هنا لطرحها.
إذن فما هي يا ترى مواصفات الحوار الايجابي الذي نسعى إلى ترسيخه بيننا؟
إن الإجابة بسيطة، ولكن تنفيذها يحتاج إلى وقت وصبر ولكن لا مناص من المحاولة والصبر والمثابرة فعلى أساس الحوار ينبني السلوك وتتشكل العلاقات وينهض الفرد والمجتمع والأمة.
والحوار الايجابي الصحي هو:
·   الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات ويرى السلبيات في الوقت ذاته ويرى العقبات ويرى أيضا إمكانيات التغلب عليها.
·        الحوار المتفائل
·        الحوار الصادق العميق الواضح الكلمات ومدلولاتها
·   الحوار المتكافئ الذي يعطي لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله.
·   الحوار الواقعي يتصل ايجابياً بالحياة اليومية الواقعية واتصاله هذا ليس اتصال قبول ورضوخ للأمر الواقع بل اتصال تفهم وتغيير وإصلاح.
·   حوار الموافقة: حين تكون الموافقة هي الصواب، وحوار المخالفة حين تكون المخالفة هي الصواب، فالهدف النهائي له هو إثبات الحقيقة حيث هي لا حيث نراها بأهوائنا.. وهو فوق كل هذا حوار تسوده المحبة والمسؤولية والرعاية وإنكار الذات
ولنأخذ مثالاً للحوار الايجابي من التاريخ الإسلامي وقد حدث هذا الحوار في غزوة بدر حين تجمع المسلمين للقاء الكفار وكانت آبار المياه أمامهم وهنا نهض (الحباب بن المنذر) رضي الله عنه وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أهو منزل أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟) فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم (بل هو الرأي والحرب والمكيدة) فقال الحباب (يا رسول الله ما هذا بمنزل، وأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف بحيث تكون آبار المياه خلف المسلمين فلا يستطيع المشركون الوصول إليها وفعلاً أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الرأي الصائب وكان ذلك أحد عوامل النصر في تلك المعركة.
وإذا حاولنا تحليل هذا الموقف نجد أن الحباب بن المنذر كان مسلماً ايجابياً على الرغم من أنه واحد من عامة المسلمين وكان أمامه من الأعذار لكي يسكت أو يعطل تفكيره، حيث إنه مجرد جندي تحت لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتلقى الوحي من السماء وهناك كبار الصحابة أصحاب الرأي والمشورة ولكن كل هذه الأسباب لم تمنعه من إعمال فكره ولم تمنعه من الجهر برأيه الصائب، فالتزم الأدب الرفيع في الجهر بهذا الرأي فتساءل أولاً إن كان هذا الموقف حياً من عند الله أو أنه الصائبة ولم يجد الرسول- صلى الله عليه وسلم- غضاضة في الأخذ برأي واحد من عامة المسلمين وهذا الموقف يعطينا انطباعاً مهما عن الجو العام السائد في الجماعة المسلمة آنذاك، ذلك الجو المليء بالثقة والمحبة والايجابية وإبداء الرأي الايجابي وتقبل النصيحة.
وهذه الصورة نهديها لكل أولئك الذين يطالبون إتباعهم بالطاعة العمياء والاستجابة السلبية لكل أوامرهم اعتقاداً بأن هذا يحقق مفهوم الجندية في هؤلاء الأتباع وكم من مآسٍ حدثت بسبب إلغاء الاتباع لعقولهم والاكتفاء بالطاعة العمياء.
وليس معنى هذا أن يتحول المجتمع إلى أفراد متناحرين بآرائهم دون اتفاق وإنما يجب عند مواجهة أي قضية عامة أن يدلي كل صاحب رأي برأيه بأمانة ومسؤولية ثم تجمع هذه الآراء لدى أهل الحل والعقد فيفندونها ويناقشونها ثم يتخذ القرار الصحيح بناء على تلك الرؤى المتعددة وحين يتخذ القرار ويبدأ التنفيذ فعلى أفراد المجتمع أن يتعاونوا جميعاً في تنفيذ ما اتفق عليه حتى لو كانت آراؤهم الفردية تختلف معه ولا يصح لفرد أن يشق الصف أو يؤلب الناس إتباعاً لرأيه الفردي بعد أن يتفق أهل الحل والعقد على رأي معين، وهذه المبادئ غاية في الأهمية للمحافظة على سلامة الصف وتماسكه.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال معلم البشرية (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري.
الإلـــقـــــاء :
تعد مهارة الإلقاء من أكثر مهارات التواصل الشفوي أهمية لأن المرسل الملقي لكلمة أو خطبة.. الخ يحتاج إلى إتقان القراءة المعبرة التي تفي المعاني حقها فضلاً عن حسن الأداء والنبر وتوظيف طبقات الصوت المختلفة في جذب السامع إلى الإلقاء ودفعه إلى التأثر به والاستمتاع بمعانيه.
والإلقاء هو فن التعبير عما يختلج في النفس باللسان وبالحركة وبالإشارة مجتمعة في وقت واحد ابتغاء الإفهام والتأثير ثم الإفحام لأنه نهاية النهايات من فن الإلقاء وهو التأثير في السامعين.
والإلقاء –أيضاً- يعني حسن الأداء الصوتي للمادة المقروءة بحيث يتم تكوين الصوت وفقاً لمتطلبات الصياغة الأسلوبية والمدى التأثيري المطلوب.

القواعد العامة لفن الإلقاء :
1/ ضبط اللغة بالحركات (الفتحة، والكسرة، والضمة)
هذه القاعدة من القواعد العامة لفن الإلقاء الأساسية، لأن خطرها يعود إلى واحد من أهم خصائص اللغة العربية، وهي أن المعاني تفهم بحركات الإعراب.
ومشكلة ضبط اللغة العربية أن القارئ لن يستطيع تحريك أواخر الكلمات بما هي عليه من الحركات إلا إذا فهم المعنى بدقة.
2/ تقطيع الكلام (السكتات)
لا يمكن للمتكلم أن يسرد كلامه في نفس واحد. ولو حاول ذلك لأرهق جهازه التنفسي وضيع ملامح الكلام ومعانيه ولا بد له أن يتوقف أثناء كلامه في مواضع تساعده في أخذ الشهيق وللسكتات مواضع محددة إن لم ينتبه إليها المتكلم تمزق كلامه وضاعت معانيه ومواضع السكتات خمس هي:
أ/ السكتة التامة، وموضعها نهاية الجملة وعلامتها النقطة. وغايتها جمع الكلمات التي تنقل فكرة واحدة في نسق واحد ومدة هذه السكتة قصيرة واضحة تجعل المستعمل يشعر بانفصال الفكرة السابقة عن اللاحقة.
ب/ السكتة القاطعة وموضعها نهاية المقطع وعلامتها النقطة مع بدء الكلام التالي من أول السطر وغايتها الانتقال من موضوع جزئي يضم عدة أفكار في جمل إلى موضوع جزئي آخر يضم أفكاراً جديدة في جمل جديدة ومدتها أطول من مدة السكتة التامة.
ج/ السكتة الباترة وموضعها نهاية الكلام كله وعلامتها النقطة وغايتها إشعار المستمع بأن الكلام كله قد انتهى ويوحي الصوت بالإنهاء ومن الكلام الذي يتلوه الصمت وهذه السكتة من أصعب الأنواع لأن أسلوب التنغيم فيها لا قاعدة له وقد ينتهي الكلام استفهامياً أو تقريرياً أو تعجبياً.
د/ السكتة الناقصة القاعدية وموضعها في الجملة الواحدة وعلامتها الفاصلة وغايتها تقسيم الفكرة الواحدة الكاملة إلى أفكار جزئية وهذه الأفكار لا بد من ترابطها لكي يتم المعنى الكامل ومدتها قصيرة جداً وهي من أهم السكتات لأنها تربط الأفكار في ذهن المستمع بتسلسل منطقي وتتابع محكم وسميت هذه السكتة قاعدية لأنها تأتي في مواضع محددة يفرضها أسلوب اللغة ويقتضيها أصول الكلام ومواضعها هي:
-        بعد المنادى وقبل جواب النداء (يا محمود، أقبل)
-        بعد القسم وقبل جواب   القسم (والله لأنت مجتهد في عملك)
-        قبل وبعد الجملة الاعتراضية أو الحالية (أحمد –بارك الله فيه- عالم) (جاءنا –وهو مسرور- بالخبر اليقين)
-        قبل جملة مقول القول (قال: إني مسافر غدا)
-   بين الصفات أو الأحوال وكانت عاملة فيما بعدها (جاء الرجل الكريم في خلقه الصادق في أقواله) (جاء حاملاً كتبه رافعاً يده)
-        بعد أحرف الجواب والاستدراك: نعم، أجل، بلى، لا، لكن، (سافرت معه، لكن لم يكن معنا أحد).
-        قبل جواب الشرط (إن جئتني أكرمتك)
-        قبل حرف الإضراب: بل (ليس المطلوب أن تكون صادقاً فحسب بل أن تكون أميناً أيضاً)
-        قبل جواب أما (أما الزبد فيذهب جفاء)
-        بعد شبه الجملة إذا سبقت الجملة (في كل الأحوال يجب أن نتعلم)
-        قبل (أن، أي) المفسرتين (طلبت منه قرضاً: أي مالاً)
هـ/ السكتة الناقصة التعبيرية وهي سكتة لا قاعدة لها، وإنما تتعلق بذوق المتكلم وحسب انتقائه لمواضع السكوت وموضعها حيث يجب استمرار الكلام وغايتها إبراز كلمة أو صفة أو حالة أو التنبيه إلى أمر أو التشويق ومدتها تطول وتقصر حسبما يراه المتكلم ومواضعها هي:
-        أن تأتي بين الفعل والفاعل (جاءنا رجل كريم).
-        أن تأتي قبل المفعول به (رأيت رجلاً).
-        بعد أداة الاستثناء (إلا) (سيكسب الجميع شرف العمل إلا الكسول).
-        بعد أحرف الحض والتنبيه وما شابهها (ألا رجل مهذب).
و/ السكتة القبيحة، وهي التي لا تأتي في موضعها الصحيح وتؤدي إلى اضطراب المعنى أو قلب الحقائق أو إلى تشويه المنطلق مثل:
-        هذا الرجل الكريم (لا يجوز الفصل بين اسم الإشارة وبدله) .
-        أخو هذا الرجل كريم (لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه).
-        لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى (الفصل بين الحال وصاحبه قبيح يغير المعنى ويقلبه إلى النقيض) .
إن السكتات في انتقاء مواضعها وفي مدتها في الطبقة الصوتية المناسبة لها ومن أكثر الأمور حساسية في فن الإلقاء .
3/ علامات الترقيم ووجوه المعاني
علامات الترقيم إشارات كتابية مهمتها تقسيم الكلام إلى جمل وتقسيم الجمل إلى أجزاء وإعطاء المعنى العام لكل جملة وهذه العلامات تفيد المتكلم في معرفة مواضع السكتات ونوعها ولها علاقة مباشرة أيضا بتوجيه الكلام نحو  المقاصد المعنوية للكلام.
4/ التركيز
التركيز هو التأكيد على كلمة أو جملة بهدف إبراز معناها والحالة النفسية والعاطفية المرافقة لها. ويتم التركيز على الكلمة بإحدى الوسائل التالية:
-        الضغط على الكلمة.
-        الصمت قبل الكلمة.
-        وضع الكلمة بين فاصلتي صمت.
-        تغيير الطبقة الصوتية للكلمة.
والمتكلمة يختار الكلمة التي يرى ضرورة إبرازها والتشديد عليها ثم يستخدم واحدة أو أكثر من هذه الوسائل .
كما يتم التركيز على الجملة بإحدى الوسائل التالية:
-        تغيير الطبقة الصوتية للجملة (ارتفاعاً وانخفاضاً).
-        تغيير القوة الصوتية للجملة (تقوية، أو إضعافا).
-        تغيير سرعة الكلام في الجملة (تبطئة، أو إسراعاً).
خصائص شروط فن الإلقاء:
-        القراءة السليمة: معيارها مراعاة قواعد النحو العربي.
-        القراءة المعبرة: معيارها إيصال المعاني المختلفة إلى المستمع.
-        الأداء السليم معياره نطق الحروف من مخارجها الصحيحة.
-        مراعاة أمكنة الوقوف: معيارها حسن استخدام الوقف التام أو الوقف العارض.
ولا بد لكل من يتصدى للإلقاء من أن يتحلى بالمزايا التالية:
-   رجاحة العقل وحسن التصرف أي أن يكون قادراً على معرفة طبقات الناس وأحوالهم وطبيعة المكان وخصوصية الزمان وهذا كله يتطلب منه حسن التصرف بالصوت والنبرة إذ إن لكل حالة صوتاً مناسباً من حيث العلو والانخفاض والسرعة والإبطاء وعليه أن يلاحظ ما يرتسم على وجوه المستمعين من التعبيرات والانفعالات فإن ذلك يساعده على التأثير منهم والاستيلاء على مشاعرهم.
-   الثقة بالنفس وطمأنينة القلب وهذا يفصح عنه وقفة المتحدث ونظراته وحركاته فالمتحدث الواثق من نفسه يقف منتصب القامة ويوزع نظره على المستمعين ويسيطر على حركات يديه وملامح وجهه وبالتالي يثق الجمهور بما سيقول ويقتنع بما سوف يدعو إليه.
-   فصاحة اللسان وجودة التعبير ويراد بها سلامة الملقي من العيوب كاللثغة والثأثأة والفأفأة والتلعثم لأن هذه العيوب تفسد عليه كلامه وتدعو السامعين إلى الإعراض عنه أما وضوح الصوت وإخراج الحروف من مخارجها وجودة  التعبير فيقبل عليه المستمعون بكل حواسهم إنصاتاً وانفعالاً بما سيلقيه عليهم.
-        المعرفة باللغة وقواعد اللغة يدعو المستمعين إلى الإصغاء وعدم ازدرائه
-   حسن المظهر أي أن يكون خالياً من العيوب الخلقية وأن يكون مظهره مألوفاً لدى الناس موافقاً لعاداتهم وتقاليدهم.
-   كما يجب على الملقي أن يقرأ النص عدة مرات حتى يستوعب معانيه ومقاصده ويضبط ألفاظه ضبطاً بنائياً وإعرابيا ويضع علامات الترقيم المناسبة ويحدد مواقع الوقف والإسراع والإبطاء والتكوين الصوتي.

الخــــــطــــــابة :
في اللغة الخطابة هي الكلام المنثور يخاطب به متكلم فصيح جمعاً من الناس لإقناعهم،  وفي الاصطلاح هي فن مخاطبة الجماهير مشافهة بغرض الإقناع والاستمالة،بهدف التوجيه والتحويل، والخطيب هو المتحدث عن القوم أو هو من يقوم بالخطابة، وفي تعريف العلماء هي الكلام المؤلف الذي يتضمن وعظاً وإبلاغاً على صفة مخصوصة. بمعنى أن الخطابة فن مشافهة الجمهور للتأثير عليهم أو إستمالتهم. هناك ثلاثة أشياء مهمة في الخطاب هي : من يلقيه ؟ وكيف يلقيه ؟ وما الذي يقوله ؟ والشيء الأقل أهمية من بين هذه الصفات الثلاث هي الأخيرة.
وتعد الخطابة مهارة عليا تحتاج إلى موهبة ومران لأن الخطيب يؤثر تأثيراً مباشراً في المستمعين إليه وهي من مستلزمات المجتمع، ومن ضروريات التعامل في أي مؤسسة ديمقراطية.
ويتصف صاحب الخطبة بحضور البديهة وسرعة الخاطر ومطاوعة الألفاظ والعبارات له.
وللخطبة عناصر أساسية تجدر الإشارة إليها وتتمثل في الآتي:
1/ المقدمة: والغاية منها جذب انتباه السامعين وإعلامهم بالموضوع الداعي إلى الكلام لتهيئة أذهانهم لما سوف يلقى عليهم وتتميز ببراعة الاستهلال ويمكن أن تكون المقدمة: آية قرآنية، أو حديث نبوي، أو مشهد أو قصة قصيرة، أو ذكر خبر مثير في صحيفة، وتراعى في المقدمة سهولة الألفاظ والمعاني وقربها من أذهان المستمعين.
2/ العرض: وهذا هو أهم عنصر في الخطبة والجزء الأساسي فيها وفيه يبين الخطيب آراءه ويشرح وجهة نظره ويقيم الأدلة على ما يذهب إليه من رأي وقد يفند آراء معارضيه ولا بد أن تكون أدلته مقنعة ومتصلة بالموضوع وأن يكون كلامه مرتباً وواضحاً .
ويتميز عرض الخطبة بسمات أهمها:
-        وحدة الموضوع وترابط الأفكار وتسلسلها منطقياً
-        السهولة والوضوح والبعد عن الغموض والتعقيد
-        جذب السامع إلى النتيجة التي يرغب في إيصالها إليه.
3/ الخاتمة: وهي آخر ما يعلق في أذهان المستمعين وهي عظيمة الأثر في نفوسهم ففيها يركز الخطيب على خلاصة رأيه أو فكرته أو مذهبه بعد وضوح الأدلة والبراهين والحجج المنطقية وهي تدعو المستمعين إلى الأخذ بما فيها من نصائح أو توجيهات أو معلومات.
سمات الخطبة الجيدة:
تتمثل سمات الخطبة الجيدة في الآتي
-        الإيجاز لئلا يثقل ذلك على السامعين
-        فصاحة الألفاظ حيث تكون ظاهرة المعنى لا يشوبها غرابة ولا وحشية ولا ركاكة
-        قوة التراكيب ومتانة النسج
-        عذوبة الإيقاع بحيث تكون التقسيمات في الجمل تقسيمات عذبة قريبة من  الأذن والقلب
-        قصر الفقرات والجمل وتنوعها بين الخبر والإنشاء
سمات الخطيب الجيد هي:
-        الإحساس المرهف الذي يتلقى تأثيرات الجمهور ويتكيف معها
-        الثقافة الواسعة العميقة
-        التفكير القويم الذي يجيد التعليل والتدليل بمهارة
-        الخيال النشط الذي يستحضر الأشياء ويجسم الأفكار، ويضع الخطط ويتصور المواقف.
-        الثقة بالنفس فيكون جريئاً في آرائه لأنه يعتقد بصحتها.
-        الصدق في القول وهو يقوي مركزه بين مستمعيه بحيث لا يخادعهم ولايتملقهم.
-        أن يكون جهوري الصوت عذبه.
-        طلاقة اللسان بحيث لا يتلعثم أي أن يكون لسناً.
أنموذج لخطبة تضمن أسس الخطابة الناجحة.
خطبة الوداع :
بعد أن منَّ الله على الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - بتأسيس دولة الإسلام ودخول كثير من الناس الإسلام وانتشار الدعوة في أرجاء الجزيرة العربية حج الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع وبين فيها كثيراً من الأحكام الشرعية .
في الخامس من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة أعلن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- عن عزمه زيارة بيت الله الحرام حاجاً، فخرج معه حوالي مائة ألف من المسلمين من الرجال والنساء ، وقد استعمل على المدينة أبا دجانة الساعدي الأنصاري، وأحرم للحج ثم لبّى قائلاً : "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك، والملك، لا شريك لك " (صحيح بخاري ، كتاب الحج، باب التلبية) .
وبقي ملبياً حتى دخل مكة المكرمة ، وطاف بعدها بالبيت سبعة أشواط واستلم الحجر الأسود وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم ، ثم سعى بين الصفا والمروة ، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات فيها، وفي اليوم التاسع توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر، ثم خطب خطبته الشريفة التي سميت فيما بعد خُطبة الوداع .
قال ابن إسحاق : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما، ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان . أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقا ، ولهن عليكم حقا، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي ، فإني قد بلغت ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً ، أمراً بيناً ، كتاب الله وسنة نبيه. أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت ؟ فذكر لي أن الناس قالوا : اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم اشهد) .
استيعاب وفهم :
من خلال هذه الخطبة الجامعة أشار الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الكثير من القضايا المهمة كحرم دماء المسلمين وأموالهم إلا بحقها، وهذا يؤكد مبدأ راسخاً في الإسلام وهو حرمة اعتداء المسلم على أخيه المسلم، سواء بالقتل أو الطعن أو الشتم، أو الإهانة وغيرها من الأمور المخلة بآداب الإسلام وتعاليمه.
1-  حُرمة الربا وخطورة التعامل به، وأن اللعن يصيب كلاً من آكله وشاهده وكاتبه ومن له علاقة به من قريب أو بعيد، نظراً لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع.
2-    إبطال ما كان من عادات قبيحة عند العرب في الجاهلية ومنها الثأر.
3-    الدعوة إلى احترام النساء وإعطائهن حقوقهن، ودعوتهن للقيام بما عليهن من واجبات تجاه أزواجهن.
4-    دعوة المسلمين إلى أن يتمسكوا في كل زمان ومكان بكتاب الله وسنته نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
5-    التأكيد على أخوة المسلمين ووحدتهم.
التوجيهات التي تضمنتها خطبة حجة الوداع
1-  يعمل الحج على توحيد المسلمين باجتماعهم في مكان واحد وزمان واحد، يلبون تلبية واحدة ويلبسون لباساً واحداً، يجتهدون على تزكية نفوسهم، بتركهم شهوات الدنيا وملذاتها، فهم يتوجهون إلى الله بصالح أعمالهم ودعائهم أن يكفِّر عنهم سيئاتهم، لعلهم يعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم بغير ذنوب ولا معاصي فتصفوا نفوسهم ويتجدد إيمانهم ويزداد.
2-    إعلان اكتمال رسالة الإسلام وتمامها.
3-  حِرص الإسلام على التيسير على الناس فكان الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- لا يُسال على أمر إلا قال : افعل ولا حرج.
المناظرة :
المناظرة (لغة) على وزن (مفاعلة) وهو وزن يدل على المشاركة أي اشتراك طرفين أو جهتين في القيام بفعل معين.
وفي معالج اللغة: ناظر شخص آخر صار نظيراً له وناظره/ باحثه وباراه في المحاجة وتناظر القوم في الأمر تجادلوا والمناظر: المجادلة والمحاج.
والمناظرة (اصطلاحياً) تعني حواراً بين شخصين أو فريقين يسعى كل منهما إلى تغليب وجهة نظره وتفنيد نظر الطرف الآخر حول قضية ما مستخدماً في ذلك شتى الأدلة العقلية والنقلية الممكنة، وذلك بهدف استقصاء جوانب الخلاف فيها أو التوصل إلى الحقيقة والتمسك بها أينما وجدت.
فالمناظرة تقوم في أمر يختلف فيه شخصان أو فريقان، ولا تجرى في أمر يتفق عليه الجميع، فالاختلاف هو الأمر الداعي إلى المناظرة حيث يعتقد شخص من الناس عقيدة معينة أو يرى رؤية معينة في مسألة من المسائل بينما يرى غيره رؤية أخرى فيسعى كل من الطرفين إلى إثبات الحق في رأيه، وتأكيد سلامة فكرته فاختلاف الآراء هو الأساس الذي تبنى عليه المناظرات، وبغير هذا الاختلاف لا توجد مناظرة.
فوائدها:
تعد المناظرة مجالاً خصباً تتحقق به الفوائد التالية
-        الحرص على تدعيم القول بالحجة والدليل القوي
.
-        تنبيه الذهن إلى الجوانب الخفية في موضوع المناظرة
-        إثارة الرغبة في المزيد من المعرفة
-        التدريب الذهني واللغوي على تناول مسألة من المسائل من جميع جوانبها
-        الابتعاد عن الأحكام التجريدية في قضايا الواقع كما أن الاستقصاء فيها يجنب النظرات الانفعالية أو القناعات المسبقة
-        مناقشة الرأي الآخر بروح الود والرغبة في الوصول إلى الحقيقة
وبهذا تكون المناظرات سبيلاً إلى مزيد من المعرفة و التدريب الفكري والقدرة على الحوار
عناصر المناظرة
المناظرة رسالة اتصالية متكاملة الأركان لها عناصر يجب توافرها في عملية الحوار والمناظرة وهي:
1/ المرسل والمستقبل: ويقصد بهما الطرفان المتحاوران أو المتناظران ويجب لإنجاح المناظرة أن يتحلى كلا الطرفين بالشروط التالية:
-        التخلي عن التعصب لوجهة نظرة سابقة وإعلان الاستعداد التام للبحث عن الحقيقة والأخذ بها
-        الالتزام بأدب الحوار من القول المهذب والبعد عن الطعون أو التجريح أو السخرية من وجهة نظر الآخر
-        البعد عن الميل والهوى
-        حرية الرأي مقيدة بالحجة والدليل
-   الرضا بالدليل والإقناع بالحجة الراجحة فعلى المناظر أن يعدل عن رأيه ويقتنع برأي الطرف الآخر إذا قوي دليله ورجحت حجته لأن الحق هو الغاية المنشودة.
2/ مدير المناظرة: وهو الشخص الذي يحكم المناظرة وينسق الحوار بين الطرفين من أجل نجاح المناظرة يجب أن يتحلى بالسمات الآتية:
-        الحيادية والموضوعية في توزيع الوقت أو في طرح الأسئلة على كلا الطرفين
-        الثقافة الواسعة والإلمام بموضوع المناظرة
-   القدرة على الإدارة الجيدة للحوار والجلسة وتهيئة الجو المناسب لكل طرف لطرح وجهة نظره والتدليل عليها وخاصة إذا كان ثمة جمهور يشاهد المناظرة
3/ الرسالة: ويعنى بها موضوع المناظرة المراد تجليته بالحوار ولا تنجح المناظرة ما لم تتسم الرسالة بالسمات الآتية:
-        أن يكون موضوعها واقعياً لا متخيلاً ولكن له صلة بالواقع
-        أن تكون موازنة بين شيئين أو أحد الموضوعات التي تقبل الاختلاف والحوار حولها
-   أن تكون رسالة المتناظرين من المناظرة والحوار واحداً من الأمور التالية : وضوح الرؤية حول موضوع ما، أو استقصاء جوانب الخلاف حوله، أو محاولة التوصل إلى حقيقته أو أرجح الآراء فيه بهدف التمسك بها.
4/ قناة الاتصال: وهي اللغة الشفهية ولنجاح المناظرة يجب أن تتسم بالسمات الآتية .
-        الفصاحة ويعني بها السلامة اللغوية والقدرة على بيان الرأي والتعبير عن وجهة النظر.
-        البلاغة وهي اختيار أفضل العبارات والأساليب في التعبير والتأثير.
-        المحاورة وهي انتقاء أحسن الأساليب في الاستدلال والإقناع.
مكونات المناظرة
تتكون المناظرة من ركنين هما:
أولاً: الأدلة: وهي أهم مادة في عملية المناظرة وهي نوعان:
1 - نقلية وتتعلق بالاقتباس والاستشهاد من الكتاب والسنة وأقوال العلماء والمفكرين.
2 -  عقلية وتتكون من المنطق والحجة .
ثانياً: التعميم: ينبغي التحفظ على بناء التعميم كإطلاقه دون قيد أو تعميم دون تخصيص وتجنب ألفاظ الجزم والقطع في القضايا الخلافية ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية
أسس المناظرة وقواعدها :
من أسس المناظرة وقواعدها ما يلي:
-   تخلي كل من الفريقين المتناظرين عن التعصب لوجهة نظر سابقة وإعلان الاستعداد التام للبحث عن الحقيقة والأخذ بها.
-        تقيد المتناظرين بالقول المهذب البعيد عن الطعن أو التجريح أو السخرية من وجهة نظر الخصم.
-        التزام الطرق الاقناعية الصحيحة مثل تقديم الأدلة المثبتة للرأي وإثبات صحة النقل لما ينقل
-        عدم التزام المجادل بضد الدعوى التي يحاول إثباتها لئلا يحكم على نفسه برفض دعواه
-        عدم التعارض والتناقض في الأدلة المقدمة من المجادل
-        ألا يكون الدليل المقدم من المجادل ترديداً لأصل الدعوى
-   عدم الطعن في أدلة المجادل إلا ضمن الأمور المبنية على المنطق السليم والقواعد المعترف بها لدى الفريقين
-        التسليم ابتداء بالقضايا التي تعد من المسلمات والمتفق على صحتها
-        قبول النتائج التي توصل إليها بالأدلة القاطعة والمرجحة.
شروط المناظرة
للمناظرة ثلاثة شروط هي:
1/ أن يجمع بين خصمين متضادين
2/ أن يأتي كل خصم في دفاعه بأدلة ترفع شأنه وتعلي مقامه فوق خصمه
3/ أن تصاغ المعاني والمراجعات صوغاً لطيفاً
أنموذج لمناظرة :
المناظرة الأول  - حول الحرب والسلام
تناظر شخصان أحدهما يرى أن الحرب أمر تفرضه طبيعة الحياة ويرى الآخر أن الحرب من صنع الإنسان .
فقال الأول : في رأيي أن الحرب أمر فرضته الحياة على الإنسان وما أظن أن الإنسان يستطيع أن ينأى بنفسه عنها، بل أن ظروف الحياة تدفعه إليها
فقال الثاني : أخالفك في هذا الرأي فالإنسان بمقدوره أن يتجنبها وبمقدوره أن يحيا في سلام دائم
الأول : لا يستطيع الناس أن يزيحوا الحرب من حياتهم إلا إن تجردوا من عوامل الصراع، والتجرد من عوامل الصراع شيء لا تقوى عليه الطبيعة البشرية
الثاني : ماذا تعني بعوامل الصراع ؟ .
الأول : هي حب الحياة بما في الحياة من حب الثروة والرغبة في السيطرة والأثرة .
الثاني : ليس من الصحيح أن الناس جميعاً عند هذه العوامل فكثير من الناس تنتفي لديهم ولا تجدهم إلا زاهدين في الثروة ولا تغريهم السيطرة .
الأول : انتفاء  هذه العوامل عند أحد إنما يحدث بفعل التربية والثقافة ولزوم الدين ولولا هذا لبقي الإنسان عند طبيعته التي تدفعه إلى صراعه مع الآخرين بل أن المحبين لحياة المسالمة كثيراً ما يخوضون ميادين الصراع والنزاع .
الثاني : ذلك حين يفرض عليهم أن يتصارعوا فإذا ما فرض القتال والنزال كان القتال ضرورة لا مفر منها، وقد أشار القرآن إلى هذا بقوله: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) وقوله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) .
الأول : إذن فالاستعداد للنزاع والمقابلة قائم في النفس ويظهر عند الحاجة وشواهد الحياة بين الكائنات الحية جميعها تؤكد أن حياة هذه الكائنات من إنسان وحيوان بكل أجناسه وأنواعه قائمة في أصلها على الحرب بين القوي والضعيف وقائمة على أساس من حب الأثرة والغلبة والتفوق.
الثاني : إذا سلمنا بأن الصراع أمر في تكوين الكائن الحي فان عالم الإنسان يختلف عن عالم الحيوان فالحيوان لاحظ له من العقل والوعي وهو غير مكلف بما كلف به الإنسان والرسالات  السماوية إنما جاءت لتنقذ الإنسان من نوازعه غير الخيرة وتخرجه من دائرة النفس الشريرة إلى دائرة النفس المحبة للخير والمسالمة جانب من جوانب الخير.
الأول : إذن فأنت توافقني في أن الصراع جزء أصيل في حياة الإنسان.
الثاني : أوافقك في أن دوافع الصراع موجودة في طبيعة الإنسان لكن استسلامه لهذه الدوافع وجنوحه إلى المحاربة هو من فعله هو حيث يمتلك القدرة العقلية على الموازنة بين المحاربة وما تجره من دماء وهلاك والمسالمة وما تجنيه بها من الأمن والاطمئنان والتفرغ للحياة المنتجة.
الأول : كيف يكون استسلامه لدوافع المصارعة مِن فعله هو؟.ومع أنك تقر معي أن هذه الدوافع موجودة في طبيعته؟
الثاني : نعم هذا الاستسلام من فعله هو لأنه يقوى على قهر نفسه ويستطيع أن يخلع عن نفسه هذا الاستسلام فإذا خضع لنوازعه فذلك أمر منسوب إليه وهذا هو الفارق بين مجتمع الإنسان ومجتمع الحيوان لأن الحيوان خاضع في سلوكه لغرائزه أما الإنسان فهو خاضع في سلوكه لعقله وقدرته على التمييز بين الخير والشر والحسن والقبيح
الأول : ليس هذا حكماً ثابتاً، إنما هو حكم رهين بمدى ما يرغب فيه الإنسان من حرب أو سلام فالحرب من صنعه والسلام من صنعه..
المناظرة الثانية- التلفزيون
التلفزيون وسيلة إعلامية لها أثرها في حياة الناس وفي إحدى الجلسات الثقافية دار الجدال بين اثنين الأول يرى أن الناس ليسوا في حاجة إلى هذا الجهاز لما يحمله من مخاطر في تربية النشء والثاني يرى أنه جهاز له نفعه ولا يمكن الاستغناء عنه وجرت المناظرة على النحو التالي:
الأول : رغم ما يحمله التلفزيون من بعض الفوائد فإن ضرره أكثر من نفعه ووجود الضرر يجعلنا في غنى عن هذه الوسيلة وإن حملت بعض النفع.
الثاني : إذا كان الضرر في بعض برامج التلفزيون يدفعنا إلى الاستغناء عنه أفلا تكون منافعه مسوغاً لعدم الاستغناء عنه ؟ .
الأول: نعم.. لا تكون منافعه مسوغاً لوجوده في حياتنا .
الثاني : إنك بهذا الحكم تفوت علينا الإفادة من البرامج الدينية والعلمية والأدبية وتضيع على ربات البيوت ما ينفعهن في شؤون البيت وغير هذا كثير من المنافع في وجوه عديدة من وجوه الحياة .
الأول : إذا كنت تحتاج لوجوده بهذه المنافع فأنا أحتاج لإلغائه بما يأتي به من أضرار بما يعرضه من مشاهد من الأعمال التمثيلية تخدش حياء الأسر المحافظة وبما يثيره لدى الشباب من الميول غير البناءة كالميل إلى تقليد المغنيين الذين أفسدوا فن الغناء وأيضاً بما يعرضه من الأفلام التي تكشف عن غرائز الإجرام وغرائز الفساد الخلقي .
الثاني: إذا كنت تقصد بإلغاء التلفزيون من حياتنا أن يكون الإلغاء وسيلة من وسائل التربية فأنت لم تأت بالنصيحة الصحيحة في مجال التربية .
الأول: كيف؟
الثاني : لأن منافذ الفساد بين الشباب وغيرهم ليست وقفاً على التلفزيون وإذا تصورنا أن التلفزيون وحده مسؤول عن الفساد الأخلاقي فهل يؤدي حذفه من حياتنا إلى إصلاح الشباب ؟ .
الأول : بإلغاء التلفزيون نسد باباً من أشد الأبواب خطراً؟.. ولا تقل إننا نفيد منه ما تعرضه البرامج التثقيفية فالمكتبات مليئة بمختلف الموضوعات والمدارس والجامعات ورجال الوعظ في المساجد كل هذا مناهل عظيمة يفيد منها المجتمع كلما يرجوه الناس من النفع .
الثاني : لقد نسيت أمراً بل نسيت أموراً منها أن البرامج التلفزيونية تشمل كثيراً من وجوه الإصلاح التي لا تتمكن المدارس منها وأن أفراد المجتمع ليسوا جميعهم تلاميذ على مقاعد الدراسة وأن التلفزيون يعين الجاهل والجاهلة على كثير من فهم جوانب الحياة وأنه -كغيره من وسائل الإعلام- يجعلنا على صلة بأحداث الحياة .
الأول : وما قولك فيما يراه الناس على الشاشة من مناظر هي المفسدة والضر لأبنائنا وبناتنا ؟
الثاني: إنك لا تحاورني في كيفية علاج هذا الجانب ولكنك تحاورني في أمر الاستغناء عن التلفزيون كلية وهذان أمران مختلفان.
الأول : كلاهما مرتبط بالآخر فإزاحة التلفزيون يرفع عن الأسرة هذا الخطر وأذكرك بالقاعدة التي تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
الثاني : هذه القاعدة لا تتناسب مع ما نتكلم فيه فمعنى هذه القاعدة التي تحتج بها هو إننا إذا كنا أمام أمرين أحدهما يجلب ضراً والآخر يجلب نفعاً فان العمل على سد باب الشر هو الأولى بعنايتنا قبل أن نشغل أنفسنا بما يجلب الأمر الثاني من المصلحة .
الأول : وهذا ينطبق على موضوعنا .
الثاني : ليس هذا بصحيح لأن المفسدة والمصلحة يتعلقان في وقت واحد بأمر واحد أو بشيء واحد فإذا كان درء المفسدة بإلغاء التلفزيون فقد ضيعت الفائدة أيضاً وكان أولى أن نتحاور في أمر علاج الوجه المرفوض في برامج التلفزيون بدلاً من الدعوة إلى الاستغناء عنه .
الأول : علاج هذا الوجه المرفوض لا نملكه إنا وأنت ولا يستطيعه أفراد المجتمع لأننا جميعنا نستقبل ما يفرض علينا واضعو البرامج التلفزيونية.
الثاني : لقد ضيفت الأمر حيث جعلت إصلاح التربية ومعالجة مسألة البرامج التلفزيونية محصورة في إلغائه لو أننا اتبعنا هذه الفكرة لكان من الضرورة أن تلغى الصحف والإذاعة وننادي بإلغاء كثير من جوانب حياتنا كالأندية والحدائق واستعمال وسائل النقل بل وإلغاء المدارس أيضا ففي كل مرافق الحياة في أي مجتمع تجد عوامل الصلاح وعوامل الفساد وأينما اتجهت في حياتنا الاجتماعية والعلمية لوجدت النفع والضرر متلازمين واضرب لك مثلاً: هل من المعقول أن نحكم بإلغاء المدارس والجامعات لأن بعضاً من الخريجين يستغلون العلم في الإفساد؟ إنه من غير المعقول أن يجري علاج الأمور بهذا الشكل الذي لا نرى به الحياة إلا من زاوية ضيقة .
الأول : كيف يكون العلاج في رأيك؟
الثاني : علاج مثل هذا الأمر له جوانبه المختلفة فمن حق المواطنين أن يبدوا رأيهم وان يشيروا إلى هذا الجانب المرفوض وسوف يكون هناك الاستجابة والتلبية من قبل القائمين على أمر التلفزيون لأنهم لا يقصدون إلا الإصلاح والتنوير وكم رأينا ما يقوم به التلفزيون من الاستفتاء حول برامجه والاستفتاء معناه إشراك الجمهور فيما يجب أن يكون.
ومنها أيضاً أن تقوم الأسرة بتحصين أبنائها وبناتها مما لا يوافق تربية الأسرة لأبنائها وبناتها. هذا وغيره من وجوه الإصلاح ميسور أما أن نقول بإلغاء التلفزيون فليس هذا بعلاج وليس هذا بالمنطق الصحيح في تناول أمورنا في الحياة.
الأول : أراني أخطأت في تقديري أموري فمعذرة وشكراً على ما وضحت.





مهارات الكتابة
 الكتابة
الكتابة لغة مصدر الفعل (كتب) يقال كتب يكتب كتاباً وكتابة ومكتبة وكتبة فهو كاتب ومعناها الجمع: يقال تكتب القوم إذا اجتمعوا ومن ثم سمي الخط كتابة لجمع الحروف بعضها،
وهي في الاصطلاح – كما وردت في (صباح الأعشى في صناعة الإنشا) صناعة روحانية تظهر بآلة جثمانية دالة على المراد بتوسط نظمها.. وفسرها بأنها صناعة تتم بالألفاظ التي يتخيلها الكاتب في أوهامه (مخيلته) ويصور معاني قائمة في نفسه بقلم يجعل الصورة الباطنة صورة محسوسة ظاهرة...
والكتابة كانت معروفة في العصور الإسلامية المختلفة وقد وصلت رتبة الكاتب في بعض العصور إلى درجة وزير بمفهوم العصر الحاضر.
لذا اهتم النقاد من قبل ومن بعد بالكتابة ووضعوا الكتب فيها
نشأة الكتابة الفنية
ترتبط نشأة الكتابة بقضيتين رئيسيتين هما:النثر الفني ومعرفة العرب للكتابة وبسبب هاتين القضيتين انقسم الدارسون بين قائل بوجود الكتابة الفنية قبل الإسلام وأكثرهم على أنها وجدت بعد الإسلام وهو يجمعون على أن الشعر أسبق في الوجود من النثر الفني (وليس المقصود بالنثر الفني كلام الناس وأحاديثهم) لأن الشعر ألصق بعواطف الناس وحاجتهم للتعبير عن أنفسهم بتوقيعات موسيقية أشبه ما تكون بالغناء في حين أن النثر يحتاج إلى تدبُّر وهدوء واستقرار وحياة العرب في معظمها ليست كذلك.
الأصول العامة للكتابة
تتشكل هذه الأصول من جوانب نظرية تتمثل في ثقافة الكاتب وقدرته اللغوية والفكرية على الكتابة فلا نتوقع من إنسان غير متعلم ولا مطلع كتابة فنية ولكننا نتوقع منه –إذا كان غير أمي- التعبير المكتوب عن أفكاره ونقلها إلى المتلقي على أي وجه وربما نجد في تعبيره هذا كثيراً من الأخطاء والتواء العبارات مما يشوِّه تعبيره عن الفكرة.
ولا بد لهذه القدرة اللغوية والثقافة العامة والذكاء المبدع من تصور مسبق للفكرة أو الموضوع ومعرفة عملية في تقسيمه إلى أفكار يعضد بعضها بعضاً بحيث يصبح الموضوع وأفكاره  كالبنيان المرصوص فإذا توافرت هذه الشروط بقي عليه صقل هذه المعارف والقدرات بالممارسة المستمرة والتمرين المتواصل والانفتاح على النقاد كي يهذِّب أداءه ويرتقي به.. وقد جمع القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) الصفات التي يجب توفرها في الكاتب الذي هو بمنزلة وزير يقول (ينبغي أن يكون الكاتب أديباً حاد الذهن وقوي النفس وحاضر الحس جيد الحدس حلو اللسان له جراءة يثبت بها الأمور على البديهة)
وأما ما يجعله حاد الذهن حاضر الحس فهي أدوات تساعد نبوغه وتقوي ملكته وقد ذكرها القلقشندي في تسعة عشر باباً منها: المعرفة باللغة العربية، والإلمام بلغة أعجمية، وحفظ القرآن والحديث  الشريف، وحفظ كثير من الخطب والأشعار والأمثال والمعرفة بأيام العرب وحروبهم وعاداتهم وأنسابهم والنظر في كتب التاريخ والجغرافيا والمعرفة بخزائن الكتب وأنواع العلوم.
مثل هذه المعرفة وهذا الاطلاع يجعل المرء كاتبا مجيداً لذا على الطالب أن يتعهد نفسه بحفظ المأثورات من الأدب والاطلاع على أنواع العلوم والثقافات والإلمام بقواعد اللغة العربية وخطها ولا مانع من أن يقلد أساليب الكُتَّاب حتى يستقيم أداؤه ويستقل في أسلوبه ولنا أن نتصور طالبًا يتعلم لغة أجنبية فإنه يحس أول الأمر بالإحباط لأنه لا يجد الألفاظ الكافية للتعبير عن أفكاره ومع الزمن يغذي ثروته اللغوية بحفظ الجمل والتراكيب والمترادفات حتى يجد نفسه قادراً على التعبير السليم الجميل دون إرهاق.
على أن هناك أبعاداً للكتابة تساعد الكاتب على أن يختار المقال المناسب واللفظ الملائم فعليه أن يتساءل أو يستحضر في ذهنه الأسئلة التالية: لماذا أكتب؟.. ماذا أكتب؟.. متى أكتب.. لمن أكتب..؟ كيف أكتب؟.
لماذا أكتب؟
إن لهذا السؤال علاقة بالمادة المكتوبة وبالطريقة التي تكتب بها فإذا كان هدف الكاتب إيصال فكرة أو شكاية أو عتاب أو عرض حال فإنه يهتم بالفكرة الواضحة وبالمنطق المقنع وهذا جانب وظيفي للكتابة ومنه أيضاً ما يطلب من الطالب في أبحاثه أو امتحاناته.
ولكن بعض الكاتبين يكتبون لأنهم يحسون بشيء ما يتحرك في نفوسهم ويشكل ضغطاً على عقولهم فلا بد من الكتابة للتعبير عما يجول في خاطرهم ولتفريغ تلك الشحنات القوية التي لو بقيت لتسببت في خلل نفسي أو ذهني أو حركي لصاحبها وهذا الجانب من الكتابة يسمى (التطهير) بمعنى التخلص من طريقة التعبير من حالات ضاغطة.
وبين الجانب الوظيفي والتطهيري تقع بقية الأهداف من الكتابة فالكتابة الدينية والتعليمية والاتصالية. أسباب أخرى للكتابة وكل لون من هذه يحتاج إلى طريقة في التعبير مناسبة فحين أكتب لأصف شيئاً ما استخدم ألفاظاً وطريقة تختلف عنها حينما أكتب لأشكو أو أنقد أو امدح.
ماذا أكتب؟
يثور هذا التساؤل حين يحس المرء بأن هناك هدفاً (وظيفياً أو تطهيرياً) يلح عليه فيتساءل عن الموضوع الذي يريد أن يكتب فيه وهل هذا الموضوع مهم؟.. فإن كان غير مهم فإنه يحس بتخاذل القوى الكتابية مما يؤدي إلى إسقاطه من التفكير وإلا فينشط الذهن في تحديد الفكرة العامة والأفكار المدعمة والمساندة ويأخذ بجميع المعلومات والخبرات المفيدة لإنتاج الموضوع وبما أن الكاتب المتمرس لا يستطيع أن يكتب في كل الموضوعات بقدرة متساوية فإن الأولى بالكاتب الناشئ أن يعاود كتابة الموضوع الواحد مجيلًا النظر في عناصره باحثًا عن أفكار جديدة أما إذا كان الهدف غير واضح والموضوع غير محدد فإن ما يكتبه سيكون األاء متفرقة وجملاً فارغة لا تحمل معنىًً قيماً.
أما في حالة الكتابة الحرة –بقصد أن نرها في الصحف مثلاً- فإن على الكاتب أن يختار موضوعاً حيوياً ومعاصراً كي يكسب جمهوراً من القراء ولا ينصح أبداً أن يكتب في موضوع كتب فيه إلا إذا كان لديه أفكار جديدة.
متى أكتب؟
بعد أن يجد الكاتب موضوعاً حيوياً يمكنه الكتابة فيه عليه أن يترك الدماغ فترة يستقطب فيها المعلومات أما الكتابة المتعجلة فلا تنتج إلا ضحالة تخلو من الإبداع.
والحقيقة أن بعض الكتابات الوظيفية لا تحتاج إلى جهد ذهني كبير فملء استمارة أو كتابة سيرة أكاديمية أو كتابة رسالة رسمية لا يحتاج إلى إبداع بينما يحتاج المقال أو البحث إلى جهد ووقت وتحتاج الخاطرة إلى صفاء ذهني وشعور متدفق.
وما يطلب من الطلاب في قاعة الدرس أو كواجب بيتي إنما هو من الكتابة الوظيفية على أن بعض الطلبة قد يطمح لأن يكتب كتابة إبداعية مثل الخاطرة أو القصة فأفضل وقت وحال لممارسة مثل هذه الكتابة حين يشعر الكاتب بأن لديه شيئاً ما يتحرك في نفسه ويريد أن يطلع الناس عليه.
إن أسلوب الكتابة يتأثر بالظرف المحيط كما يتأثر بالموضوع وبالهدف المقصود فحين يكتب نماذج متداولة أو موضوعات معبدة لا يحتاج إلى وقت خاص أو تهيؤ نفسي كبير (مزاج) إلا أنه يحتاج إلى ذلك حين يكتب كتابة إبداعية.
لمن أكتب؟
إن مستوى الكتابة مرهون بمستوى المخاطبين فالعرب تقول: (لكل مقام مقال) فإن كان المخاطبون من طبقات متنوعة فعلى الكاتب أن يختار الطبقة الوسطى ثقافياً ويخاطبها وإن كانوا أطفالاً فيجب أن يكون مستوى الفكرة بسيطاً ويميل إلى المحسوس أكثر من المجرد. وإن كان الحال أفراحاً واحتفالات فلا يجوز أن يكتب عن الجنائز والأحزان ولا عن الأفكار الفلسفية لأن المقام لا يناسب مثل هذه المقالات.
ويختلف مستوى الجمهور باختلاف أعمارهم وبيئاتهم فطلبة المدارس يختلف مستواهم عن طلبة الجامعة، وموضوعات الجامعة تختلف عن موضوعات المدرسة، وحياة الناس في الريف تختلف عن حياتهم في البادية أو المدينة لذا على الكاتب أن يحدد الجمهور ويختار الفكرة الواضحة واللغة المناسبة.
أما في مرحلة التدريب الصفي فإن الطالب مقيد بالفكرة العامة ولكنه حر في أن يعبر عن تلك الفكرة الكلية بأن يختار الأفكار الفرعية التي تشكل الموضوع وتقيمه، كما هو حر في توجيه النقاش والعرض الذي يدعم الفكرة العامة وهو حر أيضا باختيار طريق التعزيز التي سيأتي الكلام عليها.
وللطالب في هذه المرحلة أن يتمثل أفكار الآخرين ويستعين بما يحفظه من أقوالهم وطرق تعزيزهم وله أيضاً أن يحتذي أسلوب من يحب من الكُتَّاب.
كيف أكتب؟
بعد أن يكون قد تحدد في ذهن الكاتب الموضوع الذي يريد مناقشته والهدف الذي يرمي إليه كما تحدد أيضاً مستوى المخاطبين وأداة النشر (جريدة، أو مجلة، أو لوحة حائط..) يتساءل الكاتب عن الأسلوب الذي يخرج به تلك الأفكار والشكل الأدبي من مقالة أو خاطرة أو رسالة..
وعلى مستوى الأسلوب يتساءل هل يعتمد الأسلوب العلمي؟.. وحينئذ لا بد له من معلومات علمية ووثائق قد يستند إليها أم هل يعتمد الأسلوب السردي المباشر فيبدأ بوصف الظاهرة من المعلوم إلى المجهول بالتدرج.. أم هل يعتمد الأسلوب السردي الاسترجاعي فيبدأ بالنتيجة أو ما يريد أن يتحدث عنه ثم يعود إلى أسباب الظاهرة وتطورها ثم ينتهي من حيث بدأ.
من حيث الصوت ووقع الكلمات هل يعتمد على الصوت التقريري الحاد أم التقريري الهادئ؟.. وهل يبدأ بالاستفهام الحقيقي أم الإنكاري أم التهكمي؟.. أم هل يبدأ بالشرط أم بجملة اسمية أم بجملة فعلية؟.. هل يستخدم اقتباساً أو قولاً مشهوراً أم يستخدم إنشاءه؟..
بعد اختيار المقدمة المناسبة ننتقل إلى فقرة جديدة لنقوي الموضوع إذ لا يمكن بلورة فكرة ناضجة بفقرة واحدة بل لا بد من عدد من الفقرات التي يحمل كل منها فكرة فرعية تعطي صورة جزئية أو توضح زاوية من زوايا الموضوع وقد تتعدد هذه الفقرات التي تقيم صلب الموضوع وقد نغير من أسلوب العرض فننتقل من وصف إلى حوار إلى قص أو استفهام أو سرد.
وأخيراً لا بد من سبك الموضوع بفقرة ختامية نبوح فيها بالمغزى المقصود أو نلخص ما ذكر أو نستشرف أبعاداً لها علاقة بالموضوع بأسلوب مؤثر ومؤكد للفكرة الكلية.
الفكرة الكلية والفكرة الجزئية
الفكرة هي بنت التفكير الذي هو الحكم على الشيء.. وحتى تستطيع الحكم تحتاج إلى شيء (واقع) وإحساس به وعقل ثم إلى معلومات سابقة فلو طلب منك الحديث عن الوضيمة فلن تستطيع لأن المعلومات السابقة غير متوفرة بينما تستطيع الكلام عن الوليمة ولو عرفت مسبقاً أن معنى الوضيمة هو الدعوة إلى الطعام في حالة الأحزان (عكس وليمة) لتكونت لديك صورة  وأمكنك الحديث عنها.
إن الإحساس بالشيء يتطلب حواراً عقلياً لغوياً صامتاً، تنشط فيه خلايا الدماغ لتقديم ما لديها من معلومات، جمعتها خلال سنوات التعلم ونسقتها ثم خزنتها، فمنها ما هو قريب التناول ومنها ما يحتاج إلى جهد ووقت ليظهر.
والإنسان حين يفكر يستخدم لغة صامتة مختصرة ولو أراد أن يعبر عنها فإنه يحتاج إلى عملية أخرى أهم ما فيها أنه يوظف ما تعلمه (بالتنشئة أو في المدرسة) من أطر ونماذج نحوية وصرفية ليعيد ترتيب الفكرة بشكل منطقي يفهمه الآخرون  وهنا يأتي اختلاف الناس في قدراتهم اللغوية والمعرفية في الأسلوب والتعبير.
إن أول ما يرتسم في الذهن هو الصورة الكلية أو الإطار الكلي أو المعنى الكلي الذي هو الفكرة الكلية ثم يأتي بالتحليل لذلك المعنى أفكاراً جزئية فحين نرى حادثاً مروعاً يرتسم في أذهاننا المنظر ونرى فيه الصادم والمصدوم وما نتج عن ذلك ثم بالتدريج يدخل في الصورة تجمهر الناس ومحاولاتهم للإنقاذ ثم بالتدريج أيضا تقفز إلى الذهن أسئلة –بسبب التحليل- منها كيف حدث الأمر؟.. من المخطئ؟.. ماذا كانت النتيجة..؟ من باب الفضول ولو يعرف حالة من نقل إلى المستشفى وهكذا..
فالحادث هو صلب الموضوع وهو الفكرة الأساسية التي انبثقت عنها الأفكار الفرعية التي سبق ذكرها بعضاً آنفاً ولو أردنا كتابة الموضوع فإننا لا نكتفي بذكر ما جرى فقط (وهو ما يعرف بالسرد) وإنما نضيف رؤيتنا حسب ما يلزم فنذكر مقدمة تهيئ أو تصف الوضع قبل الحادث ثم نذكر الأحداث متوقفين هنا وهناك نحلل ونصف وربما نربط جزئية بأخرى وصورة بصورة سابقة. بحيث تزود القارئ بما حدث وزيادة تحليله وبذلك نكسر معنى المثل القائل: ليس من رأى كمن سمع. حينها يصبح السامع أكثر تأثراً ومعرفة من الرائي وذلك هو التعبير الجيد.
لاحظت مما سبق أن الفكرة الجيدة لا تأتي من سرد الحقيقة أو ذكرها كما هي بل لا بد من إدخال تلوينات عليها أو صور حسية ومعنوية توضح ما تريد أن تبينه أنت.. وليس من الضروري أبداً أن يسجل الكاتب كل شيء في الموصوف بل يسجل أبرز الصفات ويعمقها ويتنازل عما لا يغني الموضوع. إن الاجتهاد في استقصاء كل أجزاء الصورة يبعث الملل ويفسد على القارئ تتبعه للفكرة العامة.
اتضح مما سبق أن لكل موضوع فكرة رئيسية ولكن هذه الفكرة الرئيسية لا تظهر بوضوح إلا باكتمال الموضوع فلو أردنا وصف نزهة ليلية فإننا لا نبدأ بالنزهة أولاً ولا بأحداثها لأن ذلك يقتل الموضوع ويقدمه جافاً لا حياة فيه.. لهذا لا بد من تقسيم الموضوع إلى أفكار جزئية تظهر كل فكرة منها في فقرة مستقلة على الأقل، وقد نقسم الفكرة الجزئية إلى فكر أصغر وهكذا فنبدأ بوصف الظروف المساعدة على الخروج والاجتماع وانبثاق فكرة التنزه مع أن الوقت قارب منتصف الليل وندعم هذه الفكرة بفكرة فرعية أخرى هي أن أحد الأصدقاء أخذ يثني على جمال الطقس وهدوئه، مما شجع الأصحاب الأربعة على الخروج إلى أحد الشوارع الفرعية التي تزحف نحو تلة مزروعة بالنخيل والأشجار الظليلة ثم نصف أحاديثهم ومرحهم مما أنساهم طول المسافة التي قطعوها وربما نذكر بعض تلك الأحاديث ولنفترض أنها دارت حول الأشياء المخيفة أو المفاجئة. وبينما هم في ضحك وتندر انهالت عليهم الحجارة.. أصف سلوكهم تجاه الأحداث. انقسم الأصحاب إلى فئتين فئة هربت وفئة أخذت ترصد مصدر الحجارة، وسريعاً ما اكتشف الرجلان المصدر فهو صاحب آخر حاول اللحاق بهم ولكنه لم يستطع فكمن لهم وأثناء عودتهم أحب أن يداعبهم بتلك الفعلة.
يبدو من هذه النقاط الرئيسية أن الموضوع هو وصف نزهة ليلية ولكن الكاتب قد يضمنها مغزى ما.. وهذا المغزى هو الذي يوجه سير الموضوع فإن أراد شجب التنزه ليلاً جعل النهاية مفجعة.. وإن أراد التحذير ولفت الانتباه أثناء  التنزه الليلي جعلها كما سلف وأن أراد التشجيع على التنزه الليلي تخفف من الأحداث المخيفة وجعل القوم يعودون بفرح غامر.
أعد كتابة الموضوع مضيفاً إلى فقراته التفاصيل المناسبة واختر النهاية المتسقة مع الموضوع. بعد ذلك اقرأ النص التالي لكاتب لبناني ولاحظ تفاصيله وتعزيزه للأفكار:
في صباح يوم من الأيام التي تقف حائرة بين الخريف والشتاء لبيت دعوة الوادي خرجت من بيتي بمعطف مشمع وأخذت أقفز على الربا وأَدُبُ من تحت الصخور حتى وصلت إلى قلب الغابة..
المقدمة: الخروج من البيت
انحدرت إلى الوادي ووقفت على صخر يشرف على النهر وتأملت فعل العواصف والأنواء الليلة البارحة وقفت هناك مبتهجا فأحسست أن روحي انفصلت عن جسمي وطارت فوق الأشجار البليلة وفوق الصخور الشهب في الصيف، السود بعد الأمطار صعدت قليلاً وجلست تحت خرنوبة غضة وتنفست مستنشقاً هواء الإحراج المنعش فكاد يكون لنفسي صدى في خفيف الأوراق.
          صلب الموضوع: أ/ وصول الغابة
في ظل هذه السكينة يكاد المرء يسمع خفقان قلبه.. وعند توقفي سمعت صوت رفرفة العصافير فالتفت إلى جهة الصوت وإذا بسرب كبير من الطيور يفر من أمامي فكرت في نفسي قائلاً: (لو كان للطير أن يقرأ الأفكار لما كان هذا السرب يفر الآن من وجهي بل يكاد يجيئني مغرداً فأقبله ويقبلني ويسير بعدئذ كل منا في سبيله).
ب/ مشهد من الغابة
السكينة بعد العواصف هي عندي نوع من الراحة الأبدية والسكينة في الوادي تكاد تكون في هذا الفصل من غير هذا العالم فما أنعشها للنفس وما أجمل وقعها على الأذن والقلب.
ج/ شعور وتأمل
ولو جاز أن نقول إن للسكينة ألحاناً وأنغاماً لقلت: أنها أشجى في مسمعي وأبدع من ألحان أمهر الموسيقيين.. وأما العبير المنتشر في الغابات بعد الأمطار ولا سيما بعد السحابة الأولى من فصل الشتاء فيحير الكيماوي والنباتي والعطَّار فما أذكاه وأطيبه وما أبدعه وأغربه.
وفجأة نظرت بعين البصيرة إلى الأفق من خلال الأغصان فتنسمت من الغيوم المتراكمة فيه خيراً وقلت في نفسي
إلى البيت يا ولد إلى البيت..
ها قد اختبأت في أعشاشها الطيور وعادت إلى أوكارها الحشرات والهوام وعادت نحو حظائرها الماشية.
ها قد انهزمت السكينة أمام الرياح وهبت الأوراق الصفر البالية من الأرواح لتختبئ في الغياض والأدغال.
وأنت فما الذي يبقيك هنا؟ عد إلى عشك قبل أن ترسل عليك السحب شآبيبها..
د/ تحول في الجو وتفكير بالرجوع أو البقاء
فقبلت نصيحة نفسي ونظرت حولي فرأيت بالقرب من شجرة صنوبر كبيرة صخرة قد نقرت فيها الديم والأعاصير مغارة صغيرة فتقدمت نحوها وأويت تحتها وتأملت بعد ذلك حكمة الله ورحمة العواصف والرياح.
كمك من مرة سمعت صوت النفس يناجيني قائلاً:
أمشي تحت المطر الهائل وعرض خديك لسهام الغيوم بل لقبلاتها فهي تسيل شوقاً إليك..
وإذا وجدت نفسك في الغاب أو الوادي في مثل هذه الآونة فلا تخف على جلدك من الذوبان ولا تهرول إلى بيتك كالجبان بل قل لنفسك مكانك تحمدي أو اتستريحي..
أفرح بكل مظهر من مظاهر الطبيعة واستفد إن كان عندك ذرة من العلم عليك بشجرة وارفة الظلال فاشغل فكرك أو قلبك بشيء تراه حولك ولا تكن من الخاسرين ولعلك لا توفق أيضاً للاقتراب من الطبيعة في شدة غضبها في ساعة تهيجها واضطرابها فاقترب منها الآن تعلم منها الثبات والإخلاص واستمد منها القوة والجلال.
هـ/  الالتجاء إلى كهف استرجاع وأحاديث داخلية
حاصرني المطر في كهفي الصغير ساعة من الزمن فأخذت أتأمل أثناء ذلك ما كان داخله من آثار المخلوقات التي سكنته قبلي، فرأيت أن الحية كانت تدخله لتغير فيه ثوبها، والثعلب ليأكل فريسته، والضبع ليفترش فيها مائدته، وهذا ثوب الحية البالي وهنا بعض ريش الدجاجة المسكينة، وهناك عظم من عظام الثعلب وفي السقف والزوايا أنسجة العنكبوت وفيها عشيرة من البعوض. وكم من حادث في جوف هذا الكهف لو كان لجدرانه أن تنطق وتتكلم.
و/ وصف ما في الكهف
وبعد أن وضعت السحب أزوارها أشرقت السماء قليلاً فظهر شيء من نور الشمس من خلال الغيوم والأغصان وحول نقط الماء المجتمعة على الأوراق إلى نثرات من الفضة وحبات من اللؤلؤ الثمين وأخذت إذ ذاك العصافير تطير من غصن إلى غصن ومن صخرة إلى أخرى ساكنة خائفة وهكذا تفعل بعد الأمطار والعواصف.
ز/ قرب الانتهاء من الرحلة
ثم خرجت من الوادي بعد أن قضيت فيه بضع ساعات خرجت بعد أن تصفحت فصلاً طويلاً من كتاب أميرة المنشئين وربة الكتَّاب.
ح/ الخاتمة
إن الفكرة الكلية التي قصد إليها الكاتب هي وصف نزهة جبلية في أواخر الخريف وقد بنى فكرته على أفكار فرعية هي:
1/ الاستعداد للنزهة.
2/ الجلوس في منطقة هادئة أثارت أحاسيسه.
3/ حوار داخلي مع الطيور.
4/ هبوب عاصفة.
5/ الالتجاء إلى كهف صغير وتأملات.
6/ وصف الكهف.
7/ العودة.
8/ الخاتمة.
لا بد أن يثور سؤال في ذهن الطالب كيف ينظم الكاتب أفكاره وإلى أي مدى هو حر في اختيار أفكاره الفرعية فيما يلي تفصيل لكل عنصر من عناصر الموضوع وتنظيمه.
تنظيم الموضوع
إن أول عملية ذهنية تتم بعد اختيار الموضوع وتحديد إطاره العام هي استدعاء المعرفة السابقة فينشط
الذهن بتلقي المعلومات المختلفة من خلايا الدماغ بشكل عشوائي غير منظم.. فتختلط الجغرافيا بالتاريخ بالعلوم بالدين إذا كان الطالب مطلعاً وإلا فإنه يحس أن الموضوع دقيق جداً ولا يجد مدخلاً له أو معلومات عنه فيموت في نفسه.. وفي مثل الحالة الأخيرة على الطالب أن يوسع الموضوع وأن يرجع إلى بعض المصادر ليكوِّن أفكاراً كافية وفي الحالة الأولى عليه أن ينظم الأفكار ويصغر زاوية الرؤية ليغوص في أعماق أكبر بدل التسطح والعموم.
وفي الحالات التي يتوفر فيها وقت فخير وسيلة للكتابة هي رصد الأفكار الأولية على ورقة جانبية ثم جعل اللاشعور نشطاً ليجمع من خلايا الذهن ما يستطيع ثم طرح الموضوع للنقاش أمام الآخرين ليسمع وجهات النظر المختلفة ويقرأ في الموضوع من المصادر المتاحة ثم يقيم هيكلاً بالأفكار العامة والفرعية وبذلك يصل إلى الإخراج النهائي للموضوع ويبدأ بكتابة العنوان.
العنونة:
أ/ وظيفة العنوان:
يعتبر العنوان مفتاح الموضوع ودالاً على محتوياته في الغالب فهو أول ما يقرأه المتلقي فتنطبع ملامحه عامة عن الموضوع في ذهنه فإن لاقت هوى في نفسه تابع القراءة وإلا فإنه يزور عنه ويبتعد ومن هنا تنبع وظيفة أخرى للعنوان وهي تشويق القارئ وإثارة فضوله كي يقرأ والكاتب الجيد هو الذي يستطيع أن يثير فضول القارئ ويجذبه نحو كتابته ويشده من زحمة التفكير ومتاعب العمل.
ب/ ميزاته
على الكاتب أن يتأنى في اختيار العنوان ويستفيد من الميزات التالية للعنوان الجيد:
1/ الوضوح: إن العنوان المبهم لا يكون صورة واضحة.. وبذلك لا تتحرك نفسية المتلقي للقراءة لذا لا ينصح باستخدام الرموز والمجاز البعيد في الكتابات الوظيفية.
2/ الاختصار: إذ لا يعني الوضوح أن يكون العنوان فقرة أو سطراً، فعلى الكاتب أن يختار كلمة أو كلمتين أو جملة بسيطة كي تكون عنواناً.
وقد أعطي عدد من الطلاب موضوعاً عاماً حول (مشكلات الشباب) للكتابة فيه فكانت العناوين التالية:
أ/ كلمة واحدة: التدخين- البطالة- اللامسؤولية.
ب/ كلمتان: رفاق السوء- سلوك الشباب- التشبه بالغرب- غلاء المهور- الموت البطيء- الطاعون الأبيض.
ج/ ثلاث كلمات: تغرب شبابنا للدراسة- الإهمال وقلة الإدراك- العزوف عن الزواج
د/ أربع كلمات وأكثر: الانحلال الخلقي عند الشباب- كيف يقضي الشباب وقت الفراغ.
وقد استخدم عدد قليل من الطلبة عنوانات رمزية شفافة جميلة مثل: الطاعون الأبيض والموت البطيء بدلاً من المخدرات القاتلة والحرية العمياء للدلالة على الانحلال.
ومن الملاحظ أن بعض الطلاب استخدموا عناوين مختلفة للدلالة على الشيء ذاته ومثاله الزواج والعزوف عن الزواج وغلاء المهور أو استخدام بعضهم كلمة في حين استخدم غيرهم أكثر، ومثاله التدخين، مقابل الشباب والتدخين وأثره على الشباب.
3/ الصحة اللغوية: إذ يجب أن نتقيد بقواعد اللغة نحوها وصرفها ولا نتجاوز اللغة ليأتي العنوان واضحاً مختصراً، فلا يكون مثل ما استخدمه بعضهم للحديث عن التدخين ومضاره وعنوانه باسم (الدخان).
4/ قوة الدلالة: فقد وجدنا من العناوين السابقة فروقاً في دلالة بعضها مع إنها تتحدث عن شيء واحد وأعتقد أن القارئ يرى في عنوان (الحرية العمياء) أو (الطاعون الأبيض) جذباً أكثر من الانحلال عند الشباب والمخدرات. أو يجد في إيقاع العنوان (العزوف عن الزواج) أو (غلاء المهور) نغمة أفضل من الشباب والزواج.
5/ صحة الدلالة: فلا نختار عنواناً جذاباً ومختصراً وواضحاً، بينما نتحدث تحته عن أشياء لا علاقة لها به أو علاقتها بالموضوع علاقة جزئية، ولا ينصح أيضاً باختيار عنوان واسع المحتوى في حين يتحدث الموضوع بعمق عن جزئية واحدة منه. ولو أردنا تصوير العلاقة بين العنوان والموضوع لقلنا أن الموضوع هو الجسم والعنوان هو الثوب فإذا كان الجسم جميلاً والثوب لائقاً فإنه خير على خير أما إذا كان العنوان غير لائق فإنه يظلم المحتوى الجميل وكما أن الأثواب تختلف في شكلها وتفصيلها، تختلف العنوانات ولكنها تتفق في أصول وميزات تجعلها من باب الجميل المناسب أو من باب الضعيف أو القبيح أو غير المناسب.
ج/ كيف تختار العنوان الجيد؟
من اللافت للنظر في العينة العشوائية التي كتبت موضوعًا عن مشكلات الشباب أن بعضهم لم يختر عنواناً لموضوعه وهذا يرجع –في ظني- إلى ثلاثة أسباب هي: نسيان العنوان، وعدم التفكير بوضعه، وثانياً: تأجيل كتابته حتى الفراغ من الموضوع ثم نسيانه، ثالثاً: عدم الاهتمام به.
ومن هذه البنود ما يستحق الوقوف عنده ذلك أن يفكر الطالب في العنوان قبل أن يكتب ولكنه يتأنى حتى يفرغ من الكتابة ليضمن أن يكون العنوان دالاً وشاملاً غير ناقص عن المحتوى وغير زائد عليه، فله في هذا عذر. أما نسيانه فإنه يعوق فهم الموضوع درجة ويؤخر تحوله إلى صورة كلية في الذهن مدة.
عدا ذلك فإن نسبة كبيرة من الطلاب استطاعت أن تختار العنوان الجيد- كما رأيت- وتنوع فيه فقد لاحظت أن معظم العنوانات واضحة ومختصرة وصحيحة من حيث التركيب والدلالة ولكن بعضها تميز عن بعض في قوة الدلالة.
لذا يمكننا توقع العناوين الإبداعية في المقالات الأدبية وتقبلها على أن العناوين الرمزية الموحية تستعمل في الكتابات الإبداعية بشكل ملحوظ في حين تقل مثل هذه العناوين في الكتابات اليومية.
المقدمة
بعد تحديد الموضوع وكتابة العنوان على الورقة أو في الذاكرة وبعد استدعاء المعلومات من الذاكرة وتأطيرها في مجموعات فكرية تستغرق أطراف الموضوع وصلبه، بعد كل هذا نفكر في المقدمة أو البداءة المناسبة لتظهر مكتوبة.
أ/ وظيفتها:
المقدمة هي البداية أو المدخل للموضوع، ووظيفتها أنها تؤكد الانطباع الأوَّلي الذي تكوّن من قراءة العنوان أو تعدله ليتخذ مساراً آخر فهي –غالباً ما- تطرح الموضوع وتحدد أبعاده، وتعرف القارئ على الكاتب، وطريقة تفكيره وطرحه وهي بالإضافة إلى ذلك تثير القارئ وتشوقه فيتابع القراءة أو تخذله فينصرف عنها.
ب/ شروط قوتها:
1-  شرط قوة المقدمة رهن بمستوى المخاطبين فعلى الكاتب أن يفهم ما يؤثر في المتلقين من حيث ثقافتهم وسنهم وبيئتهم واهتماماتهم.( مراعاة مقتضى الحال)
2-  أسلوب الجذب والتأثير الذي تحدثه المقدمة، فيعمد الكاتب إلى طريقة تشد القارئ وقد تكون الطريقة باقتباس قول مؤثر ومناسب للموضوع أو باستفهام تقريري أو إنكاري، أو بسرد جزء من قصة أو حكاية أو خبر طريف أو بمقدمة بسيطة مكونة من جملة اسمية أو خبرية أو بناسخ من أخوات (إن) أو (كان).
3-  الانسجام بينها وبين ما يليها من حيث المعنى والأسلوب فلا ينخفض الأسلوب مباشرة بحيث يشعر القارئ أن الكاتب تغيرت شخصيته، ولا ينتقل من المعنى إلى موضوع آخر.
4-  أن تكون المقدمة غير مختصرة حتى يستطيع القارئ أن يكوّن فكرة واضحة ليست مملة مترهلة تصرف القارئ عنها.
ومع أن تركيب جملة المقدمة مهم وأسلوبها من تقريري أو طلبي أو شرطي أو استفهامي.. مهم أيضاً. فإن التنغيم ودرجة الصوت مهمة أيضاً، إذ إنها تثير المتلقي وتنبهه إلى أهمية الموضوع وقد تكون درجة الصوت ناعمة هادئة تسلب القارئ من مشاغله أو قوية شديدة تحركه هذا الحضور من الكاتب واقترابه من المتلقي يجعله شرطاً خامساً في قوة المقدمة.
ج/ حجمها:
ذكرنا من شروط قوتها ألا تكون مختصرة مبهمة ولا أن تكون طويلة مترهلة تسبب الملل، وهذا يعني أن الموضوع يتطلب نوعاً ملائماً من المقدمات، وأسلوباً يتيح للكاتب أن يحدد الطول المناسب لها، والمعيار السليم هو أن يتحقق فيها طرح الموضوع بوضوح يثير اهتمام القارئ.
وعليه قد تكون المقدمة في فقرة من سطور قليلة، وقد تكون في فقرتين أو ثلاث ولا تزيد عن ذلك في الكتابات العصرية، ففي الكتابات اليومية أو الرسمية لا تزيد المقدمة عن سطرين ثم ينتقل الكاتب إلى صلب الموضوع بينما قد يحتاج إلى طرح عدد من المقدمات ليستطيع أن ينتقل بوضوح وثبات إلى مناقشة أجزاء الموضوع في بعض المقالات.
ومع أهمية هذا كله فإنه لا توجد طريقة مثلى يمكن تقريرها هنا لتحدد طول الفقرة في موضوع ما، بل إن القارئ المطلع يتبصر فيما يكتبه الآخرون، ويستفيد من تجاربهم حتى يصل إلى قدرة تمكنه من اختيار المقدمة المناسبة التي تفضي –بعد طول أو قصر- إلى الموضوع وتهيئ له.
د/ شكلها:
كما هو الحال في طول المقدمة فإنه لا توجد طريقة يمكن تقريرها لتكون أول جملة في المقدمة، بل إن المقدمة الجيدة هي التي تتمثل فيها الشروط السابقة التي تجعلها قوية مؤثرة. ولو تصفحنا أعداداً من الجرائد اليومية لوجدنا أنماطاً عامة لا تخرج عنها المقدمات الأخرى مهما اختلف غرضها سواء كانت مقدمة لمقدمة كتاب أو فصوله أو مقدمة لموضوع إنشائي أو مثال صحفي أو تقرير.
ففي مقدمات الكتب، وهي ما تعرف بخطبة الكتاب يستعمل الكاتب الصيغة التقليدية الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أو يبدأه بجملة اسمية أو فعلية بسيطة أو مركبة أو مبدوءة بناسخ أو بجار ومجرور وهذه أمثلة عشوائية لمقدمات كتب أجدها أمامي وقد يفعل الدارس ذلك على غير إعداد سابق فيقرأ مقدمات كتبه ويقرأ مقدمات موضوعات منشورة في المجلات.
جاء في كتاب بناء الجملة العربية: (إن اللغة ليست ملكاً للأحياء.. وحدهم ولكنها ملك للأموات أيضاً، وملك للذين لم يولدوا بعد، فهي إذن ملك للجميع على كل العصور).
وجاء في كتاب التعبير الفني (يلقى درس التعبير في مختلف مراحل الدراسة نفوراً واضحاً من قبل الطلاب بشكل يدعو إلى الجزع من هذه الظاهرة المخيفة).
وجاء في كتاب تيسير الإنشاء (لا نأتي بجديد إذا قلنا: إن الإنشاء هو غاية  هذا الجهاد المتواصل –مدى أعوام طويلة- في تعلم اللغة العربية).
فهذه المقدمات بدأت بجملة فعلية أو اسمية أو بناسخ (إن) وهي لا تختلف عن بدايات مقالات اختارها صاحب تيسير الإنشاء من مصادر متعددة لكتاب مختلفين فها هي ذي أمثلة كي تتفحصها.
1/ خرجت مبكراً والناس نيام أمشي على الشاطئ وأرقب الشمس في طلوعها والشمس على الساحل أجمل من الشمس على غيره فليس لها تلك القوة العاتية ولا الحرارة القاسية، ولا الأضواء المعشية فيها شيء من الوداعة واللطف والحنان.
2/ إن العمل كان ولا يزال شريعة الحياة الكبرى في كل مكان وزمان، كثيرون من الناس يقضون أيامهم متثائبين على الآرائك متكئين لا يريدون أن يملأوا صفحات حياتهم الفارغة شيئاً يمرون دون أن ينفعوا أو يفيدوا الكسل يغريهم والبطالة تأكل أيامهم لأنهم يكرهون أن يعملوا.
3/ يعجبني الشاب إذا هو أدرك أنه من الشباب فأخذ له أكثر حقه، وأعطى عنه أكثر واجبه، ومضي على ثقة يداعب الآمال ويحلم الأحلام.
4/ في قصص (ألف ليلة وليلة) قصة تقول: إن علي بابا وصل إلى كنز الجبل حين استطاع أن يعرف الكلمة التي تفتح مغاليق الكهف كان يكفيه أن يقف عند الصخرة الضخمة ويردد كلمة السر فإذا بالصخرة المرصودة تنفتح عن الباب الخفي ثم إذا بجوفها العتم يشرق بالوهج ثم إذا بها دفق من الجوهر ومن كل حجر كريم.. أنا أؤمن بهذه الكلمة التي تغازل قلب الصخرة فيتحرك أنها الكلمة الطيبة.
تلك نماذج تدلك على شكل المقدمة من حيث تركيبها اللغوي وأسلوبها الذي قد يكون تقريرياً واستفهامياً أو طلبياً أو منفياً أو شرطياً.. على أن الكاتب قد يبتدئ بمقدمة تبدأ باقتباس أو بمثل أو بحقيقة أو بتقرير فكرة الموضوع الذي يريد الكتابة فيه.
ومهما اختلفت أشكال المقدمات فإنها غالباً ما ترتبط بالموضوع، وتمهد إلى ذكره. فلو عدت إلى المقدمات السابقة لوجدت أنها تحصر الذهن في نطاق الموضوع، بل ربما تشير إليه إشارة واضحة في أضيق نطاق فالكاتب الذي يبدأ بالجملة القائلة (إن اللغة ليست ملكاً لأحد) يتحدث عن اللغة ولو تابعنا الفقرة الثانية لوجدنا تخصيصاً أكثر ومقدمة الكتاب الثاني (يلقي درس التعبير نفوراً) يتحدث عن التعبير ومشكلاته وطريق النهوض به تابع توقعاتك للموضوعات الأخرى وإن أعجم عليك شيء فارجع إلى المصدر المشار إليه.
د/ العرض
ويقصد به تعميق الموضوع وتعريضه ومناقشته مناقشة تستوفي أجزاءه من زوايا مختلفة. وهذا التعميق
يتم على هيئة فقرات في صلب الموضوع، وكل فقرة تتكون من جمل مترابطة وفيما يلي توضيح للفقرة والجملة.
الفقرة :
هي مجموعة الجمل التي تطور الفكرة الرئيسية وهي عادة تحمل معنى من معاني الموضوع وتدور حوله فهي، وحدة أساسية للموضوع تبدأ عادة بعد الهامش بفراغ يقدر بكلمة، ويختلف طولها في الموضوع الواحد كما تختلف من موضوع آخر فبعضها يصل إلى ما يزيد عن نصف صفحة وأقلها ثلاث جمل (سطر تقريباً) ولا يكتب بعدها في السطر نفسه شيء، وغالباً ما تنتهي بنقطة أو علامة ترقيم مناسبة.
إن تحديد الفقرة على هذا النحو أمر سهل، فالإنسان حين يقع نظره على الصفحة الواحدة يعرف كم فقرة فيها وترقيمها على هذا النحو (تبدأ بفراغ وتنتهي بنقطة) أمر سهل أيضاً ولكن الصعب هو إنشاؤها لأن ذلك يحتاج إلى دراية وقدرة فالطالب منذ المرحلة الابتدائية يجب أن يتعود على إنشاء الجملة إلى جانب الجملة التي تتعلق بها في المعنى حتى يكتمل المعنى فيضع النقطة ويبدأ فقرة جديدة ولهذا فإن أهم عنصر فيها هو الترابط بين جملها والترابط بينها وبين ما سبقها وما يلحقها، أما طولها وطبيعة نوعها وطبيعة المستمعين أو القارئين فيأتي في الدرجة الثانية.
وحجم الفقرة المتراوح بين طول وقصر محكوم بعاملين: منطقي ونفسي، فالمنطقي أن يكون طول الفقرة مناسباً لتطوير الفكرة التي تحملها الفقرة، ولا يكون ذلك بجملة واحدة وإذا زاد على عدة أسطر فإن ذلك يدخل الملل على القارئ ويشتت تفكيره، أما النفسي فهو أن يعبر الكاتب عن أفكاره ومشاعره، وهذا التعبير الفكري الشعوري يجعله يفرغها في أسطر تطول أو تقصر حسب اعتقاده هو بأن ما يريد توضيحه قد تم بهذا العدد من الأسطر.
وفي العادة تكون فقرات المقدمة وفقرات التلخيص وفقرات الوصل والربط (التحويل والانتقال) قصيرة نوعا ما، في حين تكون فقرات التطوير والتوضيح لنقاط الهامة في الموضوع. وربما في بعض الحالات تكون فقرات التطوير التي تطرح نقطة مهمة قصيرة لجذب الانتباه.
وحتى تكون الفقرات مؤثرة من حيث الشكل قد يعمد الكاتب إلى المراوحة بين طول وقصر فذلك يلائم مستويات القراء المختلفة وقد يعمد إلى الفقرات المتوسطة الحجم لأنها تشعر القارئ بارتياح. أما طول الفقرات الدائم فهو يشعر القارئ بأنه مقدم على سفر طويل فيدخله الملل أما قصرها الدائم فيشعره بأن الكاتب سطحي لم يهتم بالموضوع ولم يتعمق فيه بل عالجه معالجة مختصرة وبإهمال.

وظيفة الفقرة
تتمثل وظيفة الفقرة في:
1-   أنها (تقسم) أفكار الكاتب إلى وحدات تساعد القارئ والكاتب على تناول مفهوم واحد من الفكرة العامة وتوضحه ثم تأتي الفقرة الثانية وتعرض جانباً آخر وهكذا.
2-  تنقل السرد إلى الحوار كما تنقل الحوار من شخص إلى آخر ففي القصة مثلاً يستعمل الكاتب الحوار كي يحدث تشويقاً أو يغير فكرة مطروحة وهو حين ينتقل إلى الحوار يبدأ بفقرة جديدة ومثال ذلك من قصة العرس:
(رأى زوجته تجلس على الأرض كانت بجوار السرير تصب الماء على كومة دقيق في إناء محشور بين ركبتيها..
-       لِمَ لا تردين على الطارق؟
رفعت أم محمد وجهها عن الإناء ونظرت نحوه، لمعان عينيها لا يوحي بأنها تجاوزت الخمسين.. غاصت بيديها في الوعاء..
-       وهل ترى يديَّ خاليتين.. ارفع ظهرك؟
تلاحظ أن الكاتب حين أراد الحوار بدأ بفقرة جديدة ثم جاء السرد في قوله (رفعت..) بدأ بفقرة جديدة وحين ردت المرأة بدأ بفقرة جديدة.
3-  الإعلان عن موضوع البحث أو الكتاب أو المقال أو الفصل ففي كثير من الأحيان يجعل الكاتب الفقرة الأولى موضحة لما سيأتي من أفكار وحين تنتهي الفقرة الأولى تأتي فقرة تالية لتعلن عن موضوع جديد قادم بأداة من أدوات الربط والتسلسل مثال:
إن الغاية من دراسة النحو هي فهم تحليل بناء الجملة تحليلاً لغوياً يكشف عن أجزائها، ويوضح عناصر تركيبها وترابط هذه العناصر ببعضها مع بعضها الآخر بحيث تؤدي معنى مفيداً وبين علائق هذا البناء ووسائل الربط بينها والعلامات اللغوية الخاصة بكل وسيلة من هذه الوسائل.
ومهمة الباحث النحوي أمام (الجملة) هي تصنيفها، وشرح طريقة بنائها وإيضاح العلاقات بين عناصر هذا البناء وتحديد الوظيفة التي يشغلها كل عنصر من عناصرها والعلامات اللغوية الخاصة بكل وظيفة منها، ثم تعيين النموذج التركيبي الذي ينتمي إليه كل نوع من أنواع الجمل وقد يتجاوز ذلك إذا أراد أن ينصب هذا النموذج معياراً إلى فرض هذا النموذج على واقع لغوي يختلف عن الواقع اللغوي الذي انتزع منه، هذا النموذج زمناً ومكاناً مستهدفاً بصنيعه هذا محاولة الوصول إلى المستوى الذي يفرض قواعده.
وليست الجملة التي يدرسها النحوي ويحدد أشكالها وخصائصها في كل شكل جملة يصنعها هو، بل أنها الجملة كما ينطقها أبناء اللغة أنفسهم في الفترة الزمنية المعينة التي يحددها مجالاً لدراسته إذ ليس من حق النحوي أن يرتجل أو يختلق ما يراه مناسباً بل عليه فحسب أن يدرس اللغة كما يسمعها ويضع القواعد مستخلصة من هذا الذي يسمعه.
4-  تلخيص الموضوع أو جزء منه ففي نهاية الفصل يضع الكاتب فقرة تجمل ما سبق شرحه وفي نهاية البحث يفعل ذلك أيضاً.
5-  الربط بين الفصول السابقة فكما أن الفقرة يمكن أن تكون تلخيصاً لعدة فقرات في بحث أو فصل يمكن أن تكون كذلك ملخصة لعدة فصول سبقت لتؤكد على ترابطها ومثل هذه الفقرات تأتي عادة في نهاية البحث لتهيئ لفصل ختامي أو للخاتمة نفسها ويمكن إعادة نماذج من الجمل المستعملة في الفقرات السابقة للتأكيد على الأفكار الواردة في هذه الفقرات وقد تبدأ هذه الفقرة بـ(مما سبق) أو (يتبين لنا مما مضى) أو (نوجز القول فيما سبق..إلخ)
6-  الإعلان عن الانتقال من موضوع إلى آخر أو من فصل إلى فصل جديد فتكون هذه الفقرات داخل الموضوع وليس في أوله.
خصائص الفقرة وشروط قوتها
تتميز الفقرة بالوحدة والتجانس وهذا يعني أنها تدور حول فكرة أساسية واحدة ويغشاها شعور واحد متجانس ووجهة نظر واحدة فتقوم الجمل المساعدة بتوضيح الجمل الأساسية بحيث يتشكل منها جميعا فقرة واحدة أما إذا كانت الجمل المساعدة غير مرتبطة بالجملة الأساسية فإن الفقرة حينئذ تفتقر إلى الوحدة.
أدرس النص التالي ولاحظ تمزق الفكرة وتشتتها وافتقار الوحدة المنطقية والموضوعية في الفقرة (هناك سببان جعلاني التحق بكلية التربية رغم البطالة أن تقديم الطالب مرهق للغاية وبعض أصدقائي يلتحق بأي كلية لقضاء الوقت فيها فزيد لم يدرس وقد قابلت أخاه وتبين لي أنه ذكي)
تحليل:
الجملة الرئيسية: سببان لدخول الجامعة
الجمل المساعدة(صعوبة التقديم- الأصدقاء- زيد لم يدرس)
لا توجد علاقة بين الجملة الرئيسية والجمل المساعدة لذا فالفقرة ممزقة ولا تساعد القارئ على تصور صحيح للمقصود.. ويمكن إعادة كتابة الفقرة على النحو التالي:
هناك سببان جعلاني التحق بكلية التربية رغم البطالة: أولهما الأقساط المريحة التي لا ترهق والدي، ولاسيما أن طريقة الدفع ميسرة فقد يدفعها بالبنك أو باليد في أي وقت من الشهر ثم أن الكلية تعلن دائماً تعلن وجود مساعدات تأخذها من المدارس الخاصة، وثانيهما نوعية التعليم: فقد علمت أن بعض الأساتذة العظماء يشرفون على البرنامج مما يثري تجربتي العلمية والعملية يضاف إلى ذلك البطالة خير من الجهالة.
تحليل
نلاحظ أن الجملة الرئيسية قد اتضحت بجمل مساعدة وهذه الجمل المساعدة قد طورتها جمل فرعية مساعدة حتى انتهت الفقرة.
وتتميز الفقرة بأنها مكونة من عدة جمل مترابطة وليس من جملة واحدة إلا إذا كانت حواراً أو انتقالاً من موضوع إلى آخر أو ربطاً لفكرة سابقة بفكرة تالية فتأتي الفقرة القصيرة لتحويل التفكير.
ويحسن أن يعتمد الطالب في التعبير عن أفكاره على الفقرة السهلة وهي التي تحتوي على جملة الموضوع أو الجملة الأساسية.
وقد تقع هذه الجملة في أول الفقرة أو في وسطها أو في نهايتها وأوضح الفقرات ما كانت الجملة الأساسية في أولها فمن خلال دراستك لرسالة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري تدرك من الجملة الأولى موضوع الرسالة إذ يقول (أما بعد فإن القضاء فريضة مُحكمة وسنَّة متَّبعة)
بالإضافة إلى كل ذلك وحتى تكون الفقرة قوية مؤثرة يجب أن تتلاءم مع الفكرة والموضوع فإن كان الموضوع شرحاً فيحسن أن تكون الفقرة طويلة وجملها سهلة أما إن كانت للتأثير وإثارة الانفعال فيجدر أن تكون متوسطة الطول وجملها قصيرة وكلماتها قوية.
وتقتضي الملاءمة تنويعاً في الأسلوب أيضاً فلا تكون جمل الفقرة من نوع واحد بل تحوي جملاً اسمية وفعلية وجملاً طلبية واستفهامية وشرطية حسب العرض والمناقشة ونوع الموضوع.
ومن الجوانب المهمة المتعلقة بالفقرة أن تبدأ بداية موفقة ثم حين تأتي الفقرة الثانية تبدأ برابط غير مكرر وأشهر رؤوس الفقرات وروابطها إن وأخواتها وكان وأخواتها والواو والنفي والاستفهام وأدوات الشرط (إن، إذا، لو) بالإضافة إلى ما سبق الجمل المفاتيح أو الكلمات المفاتيح فظنت تلاحظ ذلك مما سبق من فقرات حيث تعددت كلمة (تتميز) لأنها محور الفقرة وقد يستقصي الطالب روابط الفقرات من إحدى المقالات فيثري أسلوب الربط لديه.
طرق تعزيز الفقرات والجملة الرئيسية
الجملة الرئيسية هي الجملة التي تحمل الفكرة الرئيسية وهذه الجملة لا يمكن أن تقف وحدها في الفقرة بل تحتاج إلى ما يعضدها ويقويها، والإنسان في حديثه يعتمد غالباً على إعادة المعنى في عدد مختلف من الكلمات والجمل ويستعمل الإشارت وتعابير الوجه بشكل لا شعوري وربما يقصد منه للتأثير. أما في الكتابة فلا يمكنه الاستعانة بالأشياء الشفوية أو المرئية، بل يلجأ إلى عدة طرق لتطوير الموضوع وتوضيحه والتأثير في المتلقي وهذه الطرق هي: الأمثلة: التفاصيل والحكاية والحقائق  والتعداد والإحصائيات والسبب والبراهين وتقوم هذه الطرق بخلق صور ذهنية محسوسة أو معنوية تؤدي إلى ترسيخ الفكرة وتوضيحها وفيما يلي تفصيل لطرق التعزيز:
أ/ الأمثلة: وسيلة مفضلة لتقريب الأفكار وترسيخها ولاسيما إذا كان الحديث عن أشياء ذهنية فلا أحد يدعي أنه عاش حياة الجاهلية أو رأى الجنة أو النار.. ومع ذلك لدينا أفكار كثيرة عن هذه الأشياء فلا بد أنها جاءت عن طريق الأفكار المدعمة بأمثلة شعرية وقصصية تصف ذلك.
ب/ التفاصيل: هي جزء خاص من شيء أو صفة له  وتستعمل –عادة- في الوصف ومثال ذلك (تفتح المكتبة العامة أبوابها كل يوم باستثناء يوم الجمعة ويمكن للرواد مراجعة الكتب في قاعة المراجعة أو استعارتها فإذا جلسوا في القاعة عليهم التقيد بقواعد المراجعة فلا يجوز الحديث أو الأكل أو الشرب في القاعة أما إذا استعاروا الكتب فعليهم المحافظة عليها وإعادتها خلال فترة معينة).
ج/ الحكايات: حدث قصير ممتع يوضح الفكرة ويستشهد بها الكاتب من تجربته هو أو من تجارب الآخرين بشرط أن يكون معززاً للفكرة العامة.
فهذا ابن شداد يصف موت صلاح الدين وأثره على النفوس فيقول (وغشى القلعة والبلد والدينا من الوحشة ما لا يعلمها إلا الله تعالى، وبالله فقد كنت أسمع من بعض الناس إنهم يتمنون فداء من يعز عليهم بنفوسهم وما سمعت هذا الحديث إلا على ضرب من التجوز والترخص إلا ذلك اليوم فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قُبل الفداء لفدى بالنفس).
د/ الحقائق والإحصائيات: الحقيقة شيء موضوعي يمكن التحقق منه والإحصائية حقيقة رقمية تبرز معلومة مهمة حول الموضوع فلا يمكن أن يستغني الكاتب عن ذكر الحقائق التي تتعلق بالموضوع ولا سيما إذا كان الموضوع علمياً أو وثائقياً ولا يستغنى كذلك عن ذكر الإحصائيات ففي حديثنا عن التفجر السكاني لا يكفي القول إن عدد سكان العالم يزداد زيادة كبيرة بل نحتاج إلى بعض الإحصائيات التي توضح مدى الازدياد السكاني ومثال ذلك أن مصطلح التفجر السكاني مرتبط بالنمو السريع لسكان العالم الذي بدأ منذ القرون الثلاثة الماضية ففي مائتي سنة الماضية من 1650-1850م تضاعف عدد السكان ووصل إلى مليار نسمة وفي الثمانين سنة التالية تضاعف مرة أخرى ووصل إلى مليارين وفي سنة 1975م تضاعف مرة ثالثة ووصل إلى أربعة مليارات نسمة ومن المتوقع أن يتعدى ستة مليارات مع حلول عام 2020م إلا إذا قلَّت أعداد المواليد قلة ملحوظة أو ازدادت الوفيات ازدياداً ملحوظاً.
هـ/ التعداد: في الفقرات التي يحتاج الكاتب إلى تعداد يبدأ عادة بذكر المعلومة العامة ثم يذكر أجزاءها المكونة لها ومثال ذلك (أقسام الكلام ثلاثة: الاسم وهو: ما دل على ذات أو معنى والفعل وهو ما دل على عمل في زمن محدد والحرف وهو ما ليس كذلك)
وفي حالة ذكر الأسباب أو النتائج يحس الكاتب أن أحد العناصر أهم من غيره فيبدأ به ثم بما هو أقل منه وهكذا، وهو بذلك يتبع العد التنازلي ولكن بعض الكتاب يلجأون إلى ذكر الأشياء المهمة ويميزون عنصراً أو أكثر ويتركونه لآخر الفقرة وهم بذلك يتبعون العد التصاعدي وفي بعض الحالات التي ليس فيها تفضيل يذكر الكاتب العناصر مستخدماً أدوات تفيد المساواة أو المشابهة.
ويجدر التنبيه هنا على أن يضع الكاتب نقطة في نهاية كل عنصر ثم له أن يستمر في الفقرة نفسها، أو يبدأ سطراً جديداً حسب ثقافة المخاطبين وطبيعة  الموضوع والشرح.
وقد يستخدم بدل الأرقام رؤوس نقاط مثل: بعد ذلك، أو بقي أو استمر أو أصبح أو في النهاية أو أخيراً أو ختاماً.. أو يستخدم التسلسل الزمني أو التاريخي أو المكاني.
و/ السبب والتأثير (العلة والمعلول) يلجأ الكاتب في تطوير موضوعه إلى التفاصيل وذكر الحقائق والأمثلة الشواهد بحيث يرسخ الفكرة التي يريدها ويتركها حية لمدة طويلة في ذهن القارئ وهنا وسيلة أخرى لتطوير موضوعه وهي ذكر الأسباب والنتائج التي أدت إلى الظاهرة إذا كان الموضوع يحتمل ذلك.
قد يعرض الكاتب فقرة عن موضوعه يجعل جملتها الرئيسية سبباً ثم يستعرض النتائج التي تتولد عن هذا السبب وقد يستعرض عدة أسباب تؤدي إلى نتيجة واحدة أو يستعرض سبباً ينتج عن سبب آخر ونتيجة ينتج عنها نتيجة أخرى أو ردوداً متسلسلة مثل ما ينداح عن حجر ألقي في بركة ماء.
ومثال السبب الذي ينتج عنه عدة نتائج الفقرة الآتية:
يبدي كثير من الناس قلقه لما يحدثه التلفزيون من نتائج سيئة على الجيل الجديد، فقد دلت الدراسات على أنه يخنق التخيل البنَّاء لدى الأطفال، وأكد هذه الحقيقة بعض الأساتذة الذين يرون أنه أضعف قدرة الطفل على التصور، لذا فإن هؤلاء الأطفال لا يفهمون بدون الصور والوسائل التوضيحية، وثاني هذه النتائج السلبية أن مشاهدة التلفزيون لفترة طويلة وبصورة متكررة في مرحلة مبكرة يجعل الأطفال ينسحبون من الحياة الحقيقية لذا ينمون سلبيين ويستجيبون للحوادث ولا يبدأونها، والأمر الثالث الذي يؤكده معلمو مرحلة الأساس أن أطفالهم لا يتحملون متاعب التعلم، لأنهم تعودوا على أن يجدوا حلاً للمشاكل في التلفزيون خلال 30-60 دقيقة لذا لا يتحمسون لمناقشة أي نشاط يحتاج إلى وقت، لكن ربما يكون أسوأ أثر للتلفزيون على الأولاد هو ما يرونه من برامج العنف اليومية التي تجعلهم يقلدونها أو يقعون ضحية لأثرها.
التحليل:
لاحظ استخدام إشارات الربط: أولاً وثانياً وتنوعها واستخدام تعابير تشعر بالنتائج مثل: نتيجة لذلك لذا، من هنا..
ويمكن تغذية كل عنصر من هذه العناصر وجعل الفقرة السابقة تقع في أربع فقرات ومثال النتيجة التي تحدث لأسباب متعددة التضخم (نضعه في جملة أساسية) والأسباب هي: المستهلك، المنتج، الحكومة، الدول الصناعية،. الخ) (نضعها في جملة تساند الجملة الأساسية).
ومثال سلسلة ردود الفعل الفقرة الآتية:
(لاحظ العلماء زيادة مضطردة في أمراض القلب والدورة الدموية على المدخنين فقد وجدوا أن دخول الدخان إلى الدم يسبب انسداد الشعيرات الدموية أو ضيقها مما ينتج عنه بطء الدورة الدموية وهذا البطء يؤدي إلى تصلب الشرايين الذي يجعل وصول الدم قليلاً إلى العقل مما يؤدي إلى أن يصاب المدخن بالجلطة الدماغية بالإضافة إلى ذلك فإن دخول الدخان إلى الدم يقلل من قدرة الكريات الحمراء على إرسال الأوكسجين بسبب ضيق التنفس الذي يحدثه التدخين وقلة الأوكسجين هذه تجبر القلب على الخفقان بسرعة أكبر ليوفر كمية الأوكسجين المطلوبة مما ينتج عنه خطورة توقف القلب وهذه هي الجلطة).
ز/ المقارنة (المفارقة والمشابهة): المقارنة أو الموازنة هي أن يقابل بين شيئين أو يشابه بينهما، وقد يعمد الكاتب إلى ذكر العناصر المتشابهة فقط أو المخالفة فقط أو كليهما، واختياره لهذا أو ذاك محكوم بنسق الموضوع وما يريد الوصول إليه.
فإذا أراد أن يقارن بين بطولة المعتصم وصلاح الدين في معرض التعظيم فإنه يذكر أجل الأعمال لكليهما، أما إذا كان موضوعه تعظيم صلاح الدين فإنه يذكر صفاته ويجعل دونها صفات الأبطال الذين يذكرهم، أو يعمد إلى ملوك عصره ويذكر أفعالهم السخيفة ولهوهم في مقابل اجتهاده واهتمامه بأمر الرعية.
وقد ورد في القرآن الكريم ألوان مختلفة من المقابلة والمقارنة منها ما جاء في سورة الغاشية. (ارجع  للسورة)
ح/ التعريف: أحياناً يحتاج الكاتب تحديد مصطلحاته ، وقد يلجأ في سبيل ذلك إلى التعريف من المعجم أو تعريف تقليدي وربما يقوم بتعريف إجرائي فيستخدم مفهوماً ما بمعنى محدد وهو ما يعرف بالمعنى الاصطلاحي. فالخبر له معانٍ كثيرة منها ما يتعلق بمصطلحات الحديث والتاريخ والنحو والبلاغة لذا يحدد الكاتب المعنى ضمن شروط معينة حتى لا تلتبس المعاني في ذهن القارئ أو السامع.
وقد اشتهر قدماؤنا بتقديم التعريفات ووضع الحدود بحيث لا يدخل في المعرف شيء آخر ولا يخرج منه أو من صفاته شيء. ويمكن للطالب الرجوع إلى كتب النحو ليجد أمثلة كثيرة.
مثال على التعريف الإجرائي: معنى النجاح عند المثقف (إن مصطلح النجاح لم يتغير معناه كثيراً خلال القرنين الماضيين ولكن الإنسان المثقف يرى أن نجاحه الشخصي يختلف قليلا ًعن غيره من الناس . فهو يعني أولاً تزويد عائلته بمعيشة محترمة مع قدر من الراحة وثانياً، يعني الوصول إلى مركز أعلى ورفاهية أكثر مما كان عليه في بدء حياته ولا يأتي النجاح إلا بالسعي والاعتماد على النفس والتوفيق من الله).
تلك هي طرق تعزيز الفقرات وتنميتها وفي ضوئها يمكن للطالب أن يقدم تعريفاً لما يراه يحتاج إلى تعريف وأمثلة وتفاصيل وحقائق وأرقاماً جاءته من مطالعته المستمرة وخبراته المنتخبة بحيث يصبح قادراً على التمييز والتحدث ونقل الأفكار فإذا أراد الكتابة في موضوع ما فإن عليه بلورة الفكرة العامة ثم إجالة الفكر فيها كي يجزئها إلى أفكار فرعية يجعل لكل فكرة منها فقرة وهذه الفقرة تبدأ برأس مناسب وتحتوي على جمل أساسية تطورها جمل فرعية إلى أن ينتهي من الفقرة إلى أخرى فيضع فقرة ختامية تجمع الخيوط المتناثرة وسيأتي الحديث عن أشكال الخاتمة بعد الإرشادات والتمارين والجملة وطرق تعزيزها.
وأخيراً يجدر بالطالب الانتباه إلى الملاحظات التالية التي يتلمسها الأساتذة في إجاباتهم طلابهم أو في كتابة البحوث:
1-    إهمال علامات الترقيم وعدم الاهتمام بالشكل العام للكتابة. وقد أشرنا سابقاً إلى أن الموضوع يقسم إلى أفكار وكل فكرة تظهر في فقرة وهذه الفقرة تبدأ بفراغ (1 سنتمتر) ولا بد أن يكون فيها نقطة أو فواصل أو أكثر.
2-  دمج الفقرات بعضها ببعض بحيث يظهر الموضوع وكأنه فقرة واحدة.. وهذا من شأنه أن يعيق القارئ في التقاط أفكار الكاتب عند القراءة السريعة لذا يجب أن تكون الكتابة مجزأة إلى فقرات.
3-  الاستزادة في التفقير بحيث تظهر الفكرة الواحدة في عدد من الفقرات مما يجعل القارئ مشتتاً يصعب عليه الوصول إلى ما يريده الكاتب أو يرى أن الفكرة المطروحة لم تعالج ما يجعله يستخف ما يقرأ.
4-  عدم تعزيز الفقرة الرئيسية بفقرة معينة  لتوضيح المقصود ، بل يدور الطالب حول الفكرة الواحدة بصورة لغوية مختلفة مما يصيب القارئ بملل ويظهر بعض الكاتب وسطحيته لذا عليه الاعتماد على وسائل تطوير الموضوع وتنميته بجمل معينة كما سيأتي.
الجملة تعريفها وأنواعها :
الجملة هي: القول المفيد الذي يصح السكوت عليه. أو هي الوحدة الأساسية للكلام. وقد تتمثل الجملة في كلمة واحدة أو عدد من الكلمات تحتوي على مسند ومسند إليه، فإن كانت الجملة مكونة من فعل وفاعل أو من مبتدأ وخبر في أبسط صورها فهي جملة بسيطة أو جملة صغرى كما يسميها النحويون، وإلا فهي جملة مركبة أو جملة كبرى كأن يكون المبتدأ اسماً وخبره جملة فعلية، أو أن يكون الفاعل جملة تؤول بمصدر (أتاني أنك لمتني- أتاني لومك).. إلخ .
وبما أن الجمل وحدة أساسية للكلام فقد اهتم بها النحويون والبلاغيون ودرسوها من زاويتين مختلفتين أدتا إلى تقسيم الجملة تقسيماً مختلفاً فالنحويون اهتموا بالإسناد وما زاد عن المسند والمسند إليه سموه فضلة أي زائداً عن تركيب المسند والمسند إليه ولكنه يؤدي معنى أو معاني مهمة- فإن كانت الجملة مبدوءة باسم فهي جملة اسمية وإلا فهي فعلية، فقولنا محمد مجتهد ومحمد اجتهد جملتان اسميتان، وجملة اجتهد محمد جملة فعلية.
وأما البلاغيون فقسموا الجملة باعتبار الغرض ورأوا أنها تكون جملة خبرية وهي التي تحمل الصدق أو الكذب، والذي فيه مؤكد واحد يسمى طلبياً وقد تحتوي الجملة على أكثر من مؤكد واحد وحينئذ يسمى هذا الضرب إنكارياً.
ولأسباب بلاغية يمكن للطالب الرجوع إليها في علم المعاني قد يخرج ملقي الخبر عن الأصل إذ الأصل أن يلقى الخبري لخالي الذهن بدون مؤكدات مثل: نجح زيد لمن لا يعلم ذلك. ويلقى الخبر بمؤكد واحد للمتردد مثل: والله نجح زيد، أو أن زيداً نجح لمن يشك في نجاح زيد لكسله المعروف مثلاً.
ويلقى الخبر بأكثر من مؤكد واحد للمنكر مثل: والله إن زيداً نجح أو أن زيداً لناجح. لكن ملقي الخبر قد يخرج عن الأصل وينزل المتلقي الخالي الذهن منزلة المتردد أو المنكر أو ينزل المتردد منزلة خالي الذهن أو المنكر وهكذا.
أما الجمل الإنشائية فهي تقسم إلى جملة طلبية وغير طلبية فالجمل الطلبية هي التي تستدعي حصول شيء غير حاصل وقت الطلب، مثل التمني: ليت قومي يعلمون، والاستفهام: ما اسمك؟.. والنداء: يا الله ساعدنا.. والأمر مثل أدرس لندرس والنهي مثل: لا تعبث.. أما الجملة غير الطلبية فتشتمل على التعجب مثل: يا لله للعرب!. والمدح مثل: نعم الصديق الوفي، والذم مثل: بئس السلوك النفاق، والقسم مثل: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا..."
وكما يخرج الخبر عن أصله ما وضع له يخرج الإنشاء الطلبي وغير الطلبي عما وضع له كذلك وهذا ما نجده في علم المعاني من أقسام البلاغة ومعرفة هذا الباب من المعاني تجعل الكاتب قادراً على اختيار الجملة المؤثرة أو المناسبة للمعنى كما تجعله قادراً على التنويع في الأساليب.
تعزيز الجملة وتطويرها
من الملاحظات الميدانية نرى أن طلاب مرحلة الأساس المتأخرة يميلون إلى الجمل البسيطة في إنشائهم وإن كان ذلك مقبولاً في تلك المرحلة فإنه غير مقبول في المرحلة الثانوية لأن الطالب قد نمى ثروته اللغوية من مطالعاته المختلفة وأدرك سبل تعزيز الجملة وتطويلها ولذلك يطلب منه تكوين جمل تنقل الأفكار والمشاعر ولا يكون ذلك إلا بجمل مركبة أو غير بسيطة، لأن الجملة الاسمية البسيطة المكوَّنة من مبتدأ وخبر دون عناصر التطويل الآتية لا تقوى على نقل كل ما يجول في النفس وكذلك الحال بالنسبة للجملة الفعلية المكونة من فعل وفاعل باعتبارهما مسندًا ومسنداً إليه.
كي تدرك الفرق بين المستويين قارن بين النصين وهما في مقدمة موضوع واحد.
رحلة مدرسية
استيقظت مبكراً.. غسلت وجهي.. تناولت فطوري.. وحملت حقيبتي إلى المدرسة فاليوم رحلة ولا حاجة إلى الكتب.
رأيت أصدقائي يتراكضون ولكنهم يترقبون وصول الحافلة وأخيراً وصلت فتجمع الطلاب وقرأ الأستاذ أسماءهم وأخذ كل واحد منا مكانه.
الطريق طويل لكنه جميل والأزهار منتشرة في كل مكان.
صياغة أخرى
استيقظت مبكراً على غير عادتي وكأني على موعد مهم.. وكيف لا وتلك أول رحلة أقوم بها إلى المناطق الغربية.. غسلت وجهي على عجل ودون إسراف في إضاعة الوقت تناولت فطوري وجهزت أمتعتي ورحت أتخيل نفسي في تلك الرحلة مستحضراً ما أحتاجه في كل مكان. خشية أن أكون قد نسيت شيئاً من السرعة واندفعت بفرح  وسرور كطير انطلق من قفصه بعد طول انتظار وكأنني لأول مرة أسير على طريق المدرسة ومع أني أحمل حقيبة  أثقل من حقيبة الكتب إلا أنني شعرت بخفة جعلتني أصل المدرسة دون عناء.
الحقيقة أن الاختلاف بين المقدمتين ليس بسبب الأفكار المطروحة فهي واحدة إنما بتوسيع الجمل الأساسية واستقصاء أركانها من مكان وزمان وتعليل وإضافة ونعت وتقييد وتنويع وتشبيه.
وتطويل الجملة ليس هدفًا وإنما هو وسيلة لنقل الأفكار والمشاعر المغلفة لها وتقديم صورة حية للمتلقي فالفرق واضح بين استيقظت مبكراً واستيقظت مبكراً على غير عادتي وكأني على موعد مهم. إذ إن الجملة الثانية أوحت بترقب المتكلم للفعل وحبه له واختلاف شعوره تجاه الفعل عن باقي الأفعال الأخرى مما يرسم له صورة الإنسان المرح النشيط.
ويتم تطويل الجملة بعنصر أو أكثر مما يلي:
1-  إدخال النواسخ على الجملة الاسمية وهذه النواسخ  تغير المعنى وعلى الكاتب أن يختار منها ما يلائم القارئ.
2-    إدخال حروف الجزم والنفي والنهي وأدوات التحقيق والاستقبال على الجملة الفعلية.
3-    إعمال المصدر عمل فعله مثل: (صومك رمضان فرض).
4-    الإضافة: طول الانتظار أقسى من الاختبار.
5-    المفعولات الخمسة والتمييز والحال والمستثنى وهي مقيدات للفعل فكل منها يقيد جهة من جهاته.
6-    التوابع وهي الوصف والبدل والعطف والتوكيد.
7-    تعدد المفعول به والحال والصفات والخبر.
8-  الجمل المركبة مثل جملة الخبر: البرتقال طعمه لذيذ، البرتقال يحتوي على ألياف مساعدة على الهضم، وجملة الحال: لا تأكل وأنت متعب، لا تأكل وقد تعبت، وجملة الصفة: حفظت قصيدة يتمنى حفظها كل متذوق.. وجملة المضاف إليه: إنني كريم على حين الكرام قليل، هذا يوم لا ينطقون، جملة المفعول به قال: أني عبد الله.. وجملة الشرط أو الجملة التي يتوقف معناها على جملة أخرى مثل: إن تدرس تنجح، وجمل الطلب: أدرس تنجح، والجملة التعليمية: هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا..
9-    أسلوب القسم، والنداء، والتشبيه بأنواعه والمجاز والكناية والاستعارة.
10-     الاعتراض وهو كل كلام أُدخل في كلام آخر بحيث لو سقط لا يختل المعنى وهو للاحترام أو الترحم أو التعظيم أو الاحتراس أو الدعاء ومثال ذلك: قال رضي الله عنه- قال: عز وجل" فإن لم تفعلوا -ولن تفعلو- فاتقوا النار"- لعمري- وما عمري علي بهين.
إلا أن هذا لا يعني أن تبقى الجملة طويلة، بل لا بد من قصرها أحياناً في بعض الموضوعات والكاتب الناجح هو الذي يراوح في أسلوبه حسب الفكرة صحيح أن التعبير عن الفكرة الواحدة يكون بأكثر من وجه وطريقة ولكن الفكرة العلمية تحتاج إلى تعبير دقيق والفكرة العاطفية تحتاج إلى إثارة وتلوين.
إن أسلوب عرض الفكرة العلمية يحتاج إلى تسلسل وهدوء.. وهذا ما تستطيعه الجملة الطويلة، بينما ترتكز الفكرة العاطفية على:
أ/ التقديم والتأخير لجذب الانتباه إلى المتقدم سواء أكان مفعولاً أم خبراً أم جاراً ومجرور.
ب/ الجرس المؤثر إذ المعروف أن الأصوات العربية منها ما هو رخو ومتوسط الرخاوة والشديد الانفجاري ومنها ما يتصف بالرقة ويتصف بالتفخيم ومنها ما هو مهموس منها ما هو مجهور. فالأصوات الرخوة الرقيقة المهموسة تناسب الموضوعات الرقيقة الهادئة العلمية، والأصوات الانفجارية والفخمة والمجهورة تناسب الموضوعات القوية والعاطفية الجياشة. ولو تصورنا موضوعا في الشكوى والعتاب وحللنا أصوات كلماته لوجدنا معظمها يميل إلى الجانب الأول أما في الهجاء أو التحريض فإننا نتوقع الأصوات المجلجلة.
وبالتأكيد أن اختيار هذه الأصوات لا يكون عملية واعية في معظمها بل هي عملية لا شعورية تتحكم بها ثقافة الكاتب وتجربته، ولا بأس في أن يعمل الكاتب عقله وشعوره في تبديل الكلمات المناسبة بغيرها في مراحل كتابته الأولى حتى تستقيم قناته ويقل بالتالي تنقيحه الواعي المباشر فيما بعد.
ج/ الحذف والإيجاز، إذ يختار الكاتب كلمات موحية مؤثرة ويعتمد على الجملة القصيرة التي قد يتخفف من بعض أركانها بالحذف إذا كان المحذوف معلوماً بالضرورة أو من خلال السياق.
د/ التكرار، وهو ما يجعل الجرس حاداً وصوت الكاتب مؤثراً وقد يكون التكرار لفظياً بمعنى أن  يكرر الكاتب جملة أو كلمة معينة بين فقرة وأخرى  وقد يكون التكرار بالصفات فيستخدم الأصوات المشددة أو الممدودة أو المجهورة أو القوية مثل ق ط ب ج د ع.
هـ/ السجع العفوي فهو بمثابة إيقاع تتمركز حوله الفكرة وينقل العدوى العاطفية بسهولة إلى المتلقي.
و/ فصاحة الكلمة وما تحدثه من تصوير في الذاكرة فالكلمة العامية مبتذلة وهي وإن أحدثت تأثيراً فسرعان ما يتلاشى بينما الكلمة الفصيحة الشاعرية تحدث استجابة أقوى وأدوم.
وهنا ننبه إلى مشكلات الطلاب في كتابة الجملة التي ربما يقع فيها الكُتَّاب المتمرسون منها:
1-  المعاظلة: وهي تعقيد الجملة بحيث يصعب فهمها أو جعل الجملة تتداخل مع جمل أخرى بين أجزائها مما يجعل التعبير ملتوياً، ومثاله (والجو في الصيف تزداد حرارته، وتقل الرطوبة فيه، ينتج عنه نضج الفواكه) فجملة ينتج عنه نضج الفواكه ملتوية لأنها قد تقع خبراً للجو والمعنى غير واضح حينذاك وقد تقع حالاً للصيف وحينها لا يكتمل المعنى.
2-  أخطاء نحوية وتركيبية، إذ تجد الكاتب مثلا ينصب اسم (كان) المتأخر ويرفع اسم (أن) المتأخر حين يقول: (كان معي ديناراً) و(إن معي دينار) ومن أخطاء التركيب تكرار كلما مثل كلما قرأت كثيراً كلما ازداد علمي.
3-  الغموض، وله أسباب كثيرة أهمها عدم وضوح الفكرة في ذهن صاحبها واستعمال الاستعارات والرموز غير الشائعة والإيجاز المخل والتعمية التي يقصدها الكاتب حين لا يريد البوح مباشرة بالفكرة فعلى الكاتب الانتباه إلى هذه الأمور وأمثالها مما يسبب الغموض.
-       الأخطاء الإملائية (والخطية في الكتابات المكتوبة باليد)
-   الحشو والإطالة التي تقتل الفكرة أو تشتتها فمع أن الإطناب جيد في بعض المواطن إلا أن الحشو الذي يسبب تورماً في الأفكار مرذول.
أما الإطناب الذي يؤدي إلى الإيقاع وتعميق الفكر كمراعاة النظير والطباق والاعتراض والاقتباس والتضمين والتذييل وذكر الخاص بعد العام وما جاء على هذا النحو في علم البديع فهو شيء جدير بالاهتمام.
لذا على الكاتب مراعاة شروط القوة التالية في الجملة (وفي الفقرة أيضاً) وهي بإيجاز:
1-    الوضوح: بحيث تكون الفكرة واضحة في ذهن الكاتب ويعبر عنها بجمل واضحة.
2-     التسلسل: فالجملة تأخذ بعنق الجملة التالية منسابة متسلسلة فلا يحس القارئ بانقطاع المعنى.
3-    الانسجام والصلة: فتكون الجمل ذات علاقة مترابطة ومنسجمة مع الموضوع العام.
4-    التطوير والتعزيز: إذ لا بد من توسيع الجملة بالتوضيح والتفعيل والمناقشة والاستنتاج والمقارنة.
5-    العمق والجدارة: فلا تكون الجمل ذات معانٍ سطحية أو مبتذلة.
6-    الاكتمال: أن تكون الجملة قادرة على التعبير عن المعنى بنفسها أو بجمل مساعدة.
7-  الاعتدال: فلا يكثر الكاتب من الحشو أو تطويل الجمل حيناً ثم تكون جملة قصيرة في نفس الفقرة.. ولا يعالج بعض الأفكار بجمل كثيرة في حين يشير إلى بعضها بجملة واحدة.
8-    الترقيم:  فيضع بعد الجملة علامة ترقيم مناسبة.
9-    صحة صياغتها لغويًا ودلالياً.
اللفظة :
وحتى تكتمل الصورة الكلية لبناء الموضوع فإننا نتوقف عند المكونات الأولية للجملة وهي الألفاظ فإذا صلح اختيار الألفاظ ووضعت في مكانها الدلالي والنحوي المناسب واستطاع الطالب أن يتصرف بها تصرفا حسناً فإنه يكون قد ملك أدوات الكتابة الأساسية، لذا يشترط في اللفظة الجيدة أن تكون صحيحة حسب قواعد اللغة وفصيحة لا عامية ولا مبتذلة ومناسبة للمعنى والمقام موحية بهما، ومأنوسة لا غريبة أو حوشية، جرسها (إيقاعها) مناسب للفكرة ودقيقة يختارها الكاتب من بين المترادفات لأنها تعبر عن المعنى أفضل من غيرها وهذا يدل على تمكن الكاتب وحسن تصرفه.
وحسن التصرف بالألفاظ معنى جامع فهو يدل على أن الطالب (الكاتب) يعرف الفرق بين المترادفات فيختار اللفظة المناسبة، كما يعرف دلالة اللفظة وايحاءاتها فبعضها حسي وبعضها معنوي، وبعضها يأخذ معناه الجديد من السياق فعليه أن يكون دقيقاً في اختياره للكلمة التي تعبر عن الحال أحسن تعبير.
ولتقوية هذا الجانب فإن هناك معاجم المعاني التي تقدم الألفاظ في معانٍ دقيقة من أحسنها تقسيماً كتاب المخصص لابن سيده وفقه اللغة للثعالبي.
ومن نافلة القول التنبيه إلى عدم استخدام الألفاظ العامية أو المبتذلة فهي لكثرة دورانها واستعمالها فقدت حرارتها.
1/ أنعم النظر في المقتبسات التالية وتبين سر اختيار اللفظة المناسبة في المكان المناسب:
أ/  من باب الغنى:
الجدة ، السعة، التؤدة، الميسرة، المال، اليسار، الرفد، النشب، الرياش، الإكثار، الجد، والوفر.
ب/ من باب الفقر:
أعوز، وأقتر وترب، أرمل، أنفد، أختل، أرزح، أكدي، أحرف، قنع، أحجن، أزهد، أمعر وأصرم، أملق، أدقع، أعسر، أترب، ومنه:
العضاضة، المسكنة، العسرة، الخصاصة، البؤس، الفاقة، المخمصة، البذاذة.
ج/ من باب الفرح
السرور والحبور، الجذل، الغبطة، البهج، الارتياح، الاستبشار، الاغتباط،
د/ من باب الغم
غمني، أقلقني، ساءني، أحزنني، كربني، كرثني، بهظني، أعظمني، أكمدني، هدني، ضعفني، أوهنني، تخونني، ولهني، فجعني، تكادني، آلمني، أوجعني، غالني، هالني، نكأني، شجاني، نابني، نكبني، أوجمني، أخرعني، لاعني، لعجني، نهدني، أضناني، قدحني، أهلعني، آسفني، مضني، أمضني، أمرضني.
 هـ/ من باب الكليات
(كل ما علاك فأظلك فهو سماء، كل أرض مستوية فهي صعيد، كل بناء مربع فهو كعبة، كل بناء عال فهو صرح، كل شيء دب على وجه الأرض فهو دابة، كل دابة في جوفها روح فهي نسمة، كل كريمة من النساء والإبل والخيل وغيرها فهي عقيلة، كل ما له ناب ويعدو على الناس والدواب فيفترسها فهو سبع)
و/ من باب الأوائل
الصبح أول النهار، الغسق أول الليل، الوسمي أول المطر، البارض أو النبت، اللعاع أول الزرع، اللباء أول اللبن، السلاف أو العصير، الباكورة أول الفاكهة، البكر أو الولد، الطليعة أول الجيش، النهل أول الشرب، النشوة أول السكر، الوخط أول الشيب، النعاس أول النوم، الحافرة أول الأمر (ومنها قوله: إنا لمردودون في الحافرة أي في أول أمرنا. ويقال في المثل: النقد عند الحافرة أي عند أول الكلمة)، صدر كل شيء وغرته أوله، فاتحة الكتاب أوله، شرخ الشباب وريعانه وعنفوانه وميعته وغلواؤه وغرته أوله، ريق المطر أول شؤبوبة، حدثان الأمر أوله، قرن الشمس أولها، الزلف أول ساعات الليل (واحدتها زلفة، الزفير أول صوت الحمار (والشهيق آخره).

الخاتمة وأهميتها
ذكرنا أن أي موضوع يتكون عادة من مقدمة وعرض وخاتمة يمهد الكاتب في مقدمته للموضوع بفقرة أو أكثر بحيث لا تتعدى ولا تصل إلى نصف حجم العرض والمناقشة لأن العرض  تعميق للفكرة وتوسيع لها بوسائل تم شرحها أما الخاتمة فهي آخر جزء من الموضوع يهدف إلى تكثيف الفكرة العامة وترسيخها في ذهن المتلقي قبل وداعه.
وعليه فإن الخاتمة –غالباً ما تكون- أقصر من المقدمة لأنها تكثيف وتلك تمهيد إلا أن تحديد طولها أمر غير يسير لأن ذلك مرهون بالموضوع ونوعه والكاتب وأسلوبه. فقد تقع في فقرة أو فقرتين في المقالات القصيرة، وقد تصل إلى عدة صفحات في الكتب والأبحاث.
وهي تختلف عن المقدمة في موقعها وفي الغرض منها فتلك دخول في الموضوع وهذه خروج منه وتلك تهدف إلى طرح بنود الموضوع وأبعاده بأسلوب شائق يجذب القارئ وهذه تكثف البنود بطريقة مؤثرة فاعلة صحيح أن كليهما يلتقي في التركيز على الفكرة العامة وفروعها ولكن صوت الكاتب في المقدمة يختلف عنه في الخاتمة من حيث الحدة والهدوء والعمق والانتشار إذ غالباً ما يكلل الكاتب فكرته بأسلوب من الأساليب المؤثرة الواردة لاحقاً.
لذلك فإن الخاتمة ضرورة في كل مقال وبحث لأنها زبدة الموضوع، تجمع ما تشعب منه وتقود النظر إلى مقصد الكاتب ومغزاه وقد تصل بالقارئ إلى محطة تنفتح على عالم له علاقة بالموضوع، يريد الكاتب منه أن يفكر فيه ويصل هو نفسه إلى حكم أو تصور تماماً كما تنتهي بعض القصص والمسلسلات.
طرق الخاتمة: لا توجد طريق محددة لختم الموضوع فالكاتب يختار خاتمة مناسبة بشرط أن تتعلق بالفكرة الرئيسية على أن الدارس يمكن أن يلاحظ أنماطاً من الخواتيم المستعملة في الكتابات الحديثة منها ما يلي:
1-  الاختصار حيث يستعيد الكاتب أهم الأفكار السابقة ويضعها في جمل لتكون فقرة أو أكثر، وقد يستخدم الكاتب الجمل الرئيسية ذاتها الواردة في العرض أو يستخدم الكلمات المفاتيح الواردة سابقاً.
2-  الاقتباس والتضمين، حيث ينهي موضوعه باقتباس آيات قرآنية أو حديث أو حكمة أو بيت شعر.. أو ما له علاقة بالموضوع، وقد يضمن قوله معنى من المعاني المستفاد من آية أو حديث أو شعر.. كأن ينهي موضوعاً عن الحث على العمل باقتباس آية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) أو ينهي موضوعا في التهديد بقوله تعالى (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
3-  التأكيد على بعض الأسباب بإعادة ما يراه مهما من بينها مع أنه سبق ذكرها والغرض من هذا الأسلوب هو تقوية وجهة نظره وتأكيد صحة اعتقاده بما ذكره سابقاً.
4-    إنهاء المقالة بجملة مثبتة مؤكدة مختصرة.
5-  إنهاء المقالة بجملة استفهامية والاستفهام لا يكون على وجه الحقيقة وإنما هو لغرض بلاغي كالتوبيخ أو الإثارة أو التقرير..إلخ.










بسم الله الرحمن الرحيم





مهارات اللغة العربية
السنة الثالثة علوم اتصال
الفصل الأول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق